للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإذا لم يكن الوطء على الصفة السابقة فلا يعتبر زنا يعاقب عليه شرعًا بالحد وإنما يعتبر معصية يعاقب عليها بعقوبة تعزيرية ملائمة (١) ، ولو كانت المعصية فى ذاتها مقدمة من مقدمات الزنا كالمفاخذة؛ أى الإيلاج بين الفخذين، وكالمباشرة خارج الفرج، كذلك يعزر على كل ما يعتبر معصية ولو لم يكن وطئًا فى ذاته كالقبلة والعناق والخلوة بالمرأة الأجنبية والنوم معها فى فراش واحد؛ لأن هذه جميعًا أفعال محرمة كما أنها من مقدمات الزنا (٢) .

والأصل فى الشريعة الإسلامية أن من حرمت مباشرته فى الفرج لاعتباره زانيًا أو لائطًا حرمت مباشرته فيما دون الفرج باعتباره عاصيًا لقوله تعالى: {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجهم حَافِظُونَ * إِلاَّ عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ * فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ اْلعَادُونَ} (المؤمنون:٥ - ٧) .

وتحرم الشريعة الخلوة بامرأة غير محرم، وذلك لقول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "لا يخلون أحدكم بامرأة ليست له بمحرم فإن ثالثهما الشيطان" (٣) ، فإذا حرمت الخلوة بها فلأن تحرم المباشرة أولى.

ومن القواعد الأصولية فى الشريعة: قاعدة أن ما أدى للحرام فهو حرام، فإن فعل الجانى ما لا يوجب الحد فعقوبته التعزير سواء كان ما فعله وطئًا لم تتم شروطه كالإيلاج بين الفخذين أو فى الفم، أو كان ما فعله ليس وطئًا كالخلوة بالمرأة الأجنبية، وكالعناق والقبلة والنوم معها فى فراش واحد، لأن هذه جميعًا أفعال محرمة فضلا عن أنها من مقدمات الزنا وتؤدى إليه.


(١) راجع ما كتبناه عن المعاصى والحدود والتعازير فى الجزء الأول من التشريع الجنائى الإسلامى ص ٦٧ وما بعدها وص ١١١ وما بعدها.
(٢) حاشية الدسوقى على الشرح الكبير ج ٤ ص٣١٣، شرح فتح القدير ج٤ ص ١٥٠، أسنى المطالب ج٤ ص١٢٥، الأحكام السلطانية للماوردى ص ٢٠٦، الإقناع ج ٤ ص٢٥٣، المغنى والشرح الكبير ج ١٠ ص١٦٣، شرح الأزهار ج٤ ص٣٣٦، المحلى ج ١١ ص٢٢٩.
(٣) رواه أحمد.

<<  <  ج: ص:  >  >>