للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويرى أبو حنيفة أن الوطء فى الدبر لا يعتبر زنا سواء أكان الموطوء ذكرًا أم أنثى، وحجته أن الإتيان فى القبل يسمى زنا والإتيان فى الدبر يسمى لواطًا، واختلاف الأسامى دليل على اختلاف المعانى، ولو كان اللواط زنا ما اختلف أصحاب الرسول فى شأنه، فضلا عن أن الزنا يؤدى إلى اشتباه الأنساب وتضييع الأولاد وليس الأمر كذلك فى اللواط، كما أن العقوبة تشرع دائمًا لما يغلب وجوده والزنا وحده هو الغالب لأن الشهوة المركبة فى الرجل والمرأة تدعو إ ليه، أما اللواط فليس فى طبيعة المحل ما يدعو إليه (١) .

أما الظاهريون فلا يرون اللواط زنا وإنما يرونه معصية فيها التعزير، وحجتهم أن اللواط غير الزنا وأنه لم يرد نص ولا أثر صحيح يعطى اللواط حكم الزنا (٢) .

٤٨٧ - وطء الزوجة فى دبرها: ومن المتفق عليه أن إتيان الزوجة فى دبرها لا يعاقب عليه بعقوبة الحد؛ لأن الزوجة محل للوطء ولأن الرجل يملك وطء زوجته.

ولكن الفقهاء اختلفوا فى تكييف الفعل، فيرى أحمد وأبو يوسف ومحمد صاحبًا أبى حنيفة أن الفعل زنًا يعاقب عليه أصلا بعقوبة الحد، ولكن هذه العقوبة تدرأ لشبهة الملك وللاختلاف فى حلية الفعل (٣) . ومن ثم يعاقب على الفعل بعقوبة تعزيرية.


(١) بدائع الصنائع ج٧ ص٤٣، شرح فتح القدير ج٤ ص١٥٠.
(٢) المحلى ج١١ ص٣٨٠، ٣٨٥.
(٣) يعتبر الفقهاء القائلون بالشبه أن الاختلاف على حل الفعل وحرمته يعتبر بذاته شبهة تدرأ الحد ويرجع الخلاف فى الحكم إلى اختلافهم فى تفسير قوله تعالى " ويسألونك عن المحيض قل هو أذى فاعتزلوا النساء فى المحيض ولا تقربوهن حتى يطهرن فإذا تطهرن فأتوهن من حيث أمركم الله إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين (٢٢٢) نساؤكم حرث لكن فأتوا حرثكم أنى شئتم وقدموا لأنفسكم واتقوا الله واعلموا أنكم ملاقوه وبشر المؤمنين " [البقرة: ٢٢٢، ٢٢٣] فقد روى عن ابن عمر وعن الشافعى، وقيل إن الشافعى قال بذلك فى القديم، وبعض أصحاب مالك لا يرون عنه هذه الرواية، وقد أفتى متأخرو أصحابه بالتحريم، أما جمهور الفقهاء فيرون تحريم إتيان الزوجة فى الدبر مستدلين بنص القرآن وما ورد فى التحريم من أحاديث ضعيفة يقوى بعضها بعضًا، يراجع: نيل الأوطار ج٦ص١٢٠ وما بعدها، المحلى ج٦٩، ٧٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>