أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِالْعَدْلِ} [النساء:٥٨] ، أو إلزام المكلف الكف عن فعل، مثل قوله تعالى:{وَلاَ تَقْتُلُواْ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلاَّ بِالحَقِّ}[الإسراء:٣٣] ، وقوله:{وَلاَ تَقْرَبُواْ الزِّنَى}[الإسراء:٣٢] ، أو تخيير المكلف في إتيان الفعل والكف عنه، مثل قوله تعالى:{وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُواْ}[المائدة:٢] ، وقوله:{وَمَن قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا}[الإسراء: ٣٣] .
والحكم الوضعي: هو ما اقتضى جعل شئ سبباً لشيء، أو شرطاً له، أو مانعاً منه، وسمي الحكم وضعياً لأنه يقتضي:
١ - وضع أسباب لمسببات، كقوله تعالى:{وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُواْ أَيْدِيَهُمَا}[المائدة:٣٨] ، وقوله:{الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ}[النور:٢] ، فقد اقتضى الحكم الأول جعل السرقة سبباً في قطع يد السارق، واقتضى الحكم الثاني جعل الزنا سبباً لجلد الزاني.
فهذا الحكم يقتضي اشتراط أربعة شهود لإثبات جريمة الزنا. ومثل قول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "لا قطع إلا في ربع دينار" فهذا الحكم يشترط لقطع يد السارق أن تبلغ قيمة المسروق ربع دينار فأكثر.
٣ - أو يقتضي وضع موانع من أحكام، مثل قول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "لا قطع في ثمر معلق"، فهذا الحكم يقتضي جعل تعليق الثمر - أي عدم حصد الحاصلات والثمار - مانعاً من القطع في سرقتها. ومثل قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا ميراث لقاتل"، فهذا الحكم يقتضي جعل القتل الحاصل من الوارث مانعاً له من الإرث (١) .
(١) الإحكام في أصول الأحكام للآمدي ج١ ص٨١ وما بعدها، المستصفي للغزالي ج١ ص٩٣، أصول الفقه لعبد الوهاب خلاف ص٧٤ وما بعدها.