إلا التعمد لنزول المنى فليس ذلك حرامًا أصلا لقول الله تعالى:{وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ}[الأنعام: ١١٩] ، وليس هذا ما فصل لنا تحريمه فهو حلال لقوله تعالى:{هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً}[البقرة: ٢٩] .
ويقول ابن حزم: إنه يكره الاستمناء لأنه ليس من مكارم الأخلاق ولا من الفضائل. وروى لنا أن الناس تكلموا فى الاستمناء فكرهته طائفة وأباحته أخرى، وممن كرهه ابن عمر وعطاء وممن أباحه ابن عباس والحسن وبعض كبار التابعين، وقال الحسن: كانوا يفعلونه فى المغازى، وقال مجاهد: كان من مضى يأمرون شبابهم بالاستمناء يستعفون بذلك.
وما قيل فى استمناء الرجل يقال عن المرأة إذا عرضت فرجها شيئًا دون أن تدخله حتى ينزل أو مست فرجها بشمالها حتى ينزل، والحكم فى ذلك هو حكم الاستمناء فى المذاهب المختلفة (١) .
٥٠٣ - العجز عن ادعاء الشبهة: يرى أبو حنيفة أن عجز الجانى عن ادعاء الشبهة يعتبر بذاته شبهة دارئة للحد، فالزانى الأخرس والزانية لا يحدان ولو ثبت الزنا ضدهما بشهادة الشهود، لأنهما يعجزان عن ادعاء الشبهة، ومن المحتمل أن يدعياها لو استطاعا النطق، وكذلك الشأن فى المجنون الذى زنا حال إفاقته، بل يذهب أبو حنيفة إلى أن الأخرس لا يحد بإقراره إذا أقر كتابة أو إشارة، لأن الإقرار المعتبر عنده هو الإقرار بالخطاب والعبارة دون الكتابة والإشارة، فلو كتب الأخرس الإقرار فى كتاب أو أشار إشارة معلومة فإنه لا حد عليه، لأن الشرع
(١) راجع فى كل ما سبق: حاشية ابن عابدين [ج٧ ص٢١٥] ، شرح فتح القدير [ج٤ ص١٥٠] ، أسنى المطالب [ج٤ ص١٢٥] ، المهذب [ج٢ ص٢٨٦] ، الأحكام السلطانية للماوردى [ص٢٠٦] ، الإقناع [ج٤ ص٢٧١] ، المحلى [ج١١ ص٢٩٣] ، شرح الأزهار [ج٤ ص٣٣٦ = =وج٢ ص١٩٧] . وراجع أيضًا: تفسير ابن كثير [ج٣ ص٢٣٩] ، تفسير المحيط لأبى حيان [ج٦ ص٣٩٧] ، تفسير الآلوسى [ج٥ ص٤٨٦] ، تفسير روح البيان [ج٤ ص٦١] ، تفسير القرطبى [ج١٢ ص١٠٥] ، تفسير الطبرى [ج١٨ ص٦] .