للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

علق وجوب الحد على البيان المتناهى، والبيان لا يتناهى إلا بالصريح وهو الخطاب والعبارة، ولا يتناهى بالكتابة والإشارة (١) .

ويرى الزيديون ما يراه أبو حنيفة من أن الخرس والجنون شبهة تدرأ الحد، ولكنهم يرون أن إقرار الأخرس صحيح إذا فهمت إشارته أو كان إقراره كتابة (٢) .

وعند المالكين والشافعيين والحنابلة أن عجز الجانى عن ادعاء الشبهة لا يعتبر شبهة، ويقولون بحد الأخرس والمجنون إذا ثبت الزنا بالبينة، كذلك يقبلون إقرار الأخرس بالكتابة وإقراره بالإشارة كلما أمكن فهم إشارته دون شك فيها (٣) .

ويرى الظاهريون أنه إذا كانت البينة فلا معنى للإنكار ولا للإقرار (٤) . وهم فوق هذا لا يعترفون بالشبهة ولا يرون درء الحدود بالشبهات، ومقتضى هذين المبدأين أن عجز الجانى عن ادعاء الشبهة لا أثر له على الحد.

٥٠٤ - إنكار أحد الزانيين: يرى أبو حنيفة أن إنكار أحد الزانيين يعتبر شبهة إذا أقر الآخر ولم يكن دليل غير الإقرار، فلا يعاقب المنكر لأنه لا دليل عليه إلا إقرار المتهم الآخر والإقرار حجة قاصرة على المقر. ولا يحد المقر لأننا صدقنا المنكر فى إنكاره فصار المقر محكومًا بكذبه، وتعليل ذلك أن الحد انتفى فى حق المنكر بدليل موجب للنفى عنه فأورث شبهة الانتفاء فى حق المقر، إذ الزنا فعل واحد لا يقع إلا من شخصين فإن تمكنت فيه الشبهة نفذت إلى طرفيه، وهذا لأن المقر بالزنا ما أقر بالزنا مطلقًا وإنما أقر بالزنا مع آخر منكر فإذا درأ الشرع عن هذا الآخر عين ما أقر به المقر فيندرئ الفعل عن المقر ضرورة.

ولكن أبا يوسف ومحمدًا يريان ما يراه مالك والشافعى وأحمد والزيديون


(١) بدائع الصنائع [ج٧ ص٥٠] ، شرح فتح القدير [ج٤ ص١١٧] .
(٢) شرح الأزهار [ج٤ ص١٥٩، ٣٥٠] .
(٣) نهاية المحتاج [ج٧ ص٤١٠] ، تبصرة الحكام [ج٢ ص٧١] ، المغنى [ج١٠ ص١٧١] .
(٤) المحلى [ج٨ ص٢٥٠] .

<<  <  ج: ص:  >  >>