للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لقوله تعالى: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ} [النور: ٢] ، ولقول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "خذوا عنى فقد جعل الله لهن سبيلاً، البكر بالبكر جلد مائة وتغريب عام" (١) .

وعقوبة الجلد حد، أى عقوبة مقدرة، فليس للقاضى أن ينقص منها أو يزيد فيها لأى سبب من الأسباب أو ظرف من الظروف، وليس له أن يوقف تنفيذها أو أن يستبدل بها غيرها، كما أن ولى الأمر لا يملك شيئًا من ذلك، ولا يملك شيئًا من ذلك، ولا يملك العفو عنها كلها أو بعضها.

وسنتكلم عن طريقة الجلد وشروطه عند الكلام على تنفيذ العقوبة.

٥١١ - ثانيًا: التغريب: إذا زنا البكر جلد مائة جلدة وغرب عامًا، والتغريب هو العقوبة الثانية للزانى، ولكن الفقهاء يختلفون فى وجوبها.

فأبو حنيفة وأصحابه يرون أن التغريب ليس واجبًا، ولكنهم يجيزون للإمام أن يجمع بين الجلد والتغريب إن رأى فى ذلك مصلحة، فعقوبة التغريب عندهم ليست حدًا كالجلد وإنما هى عقوبة تعزيرية، ومن هذا الرأى الشيعة الزيدية (٢) .

ويرى مالك والشافعى وأحمد وجوب الجمع بين الجلد والتغريب، ويعتبرون التغريب حدًا كالجلد، وحجتهم حديث الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "البكر بالبكر جلد مائة وتغريب عام"، وما روى عن عمر وعلىَّ أنهما جلدا وغربَّا ولم ينكر عليهما أحد من الصحابة فصار عملهما إجماعًا (٣) .

ومن يرى هذا الرأى الظاهريون فإنهم يرون التغريب حدًا بتصريح النص (٤) .

٥١٢ - تغريب المرأة: ويرى مالك أن التغريب جعل للرجل دون المرأة، لأن المرأة تحتاج إلى حفظ وصيانة ولأن الأمر لا يخلو إن غُرِّبت أن تُغرَّب ومعها مَحرَم


(١) رواه مسلم وأبو داود والترمذى.
(٢) بدائع الصنائع [ج٧ ص٣٩] ، شرح فتح القدير [ج٤ ص١٣٤، ١٣٦] ، شرح الأزهار [ج٤ ص٣٤١] .
(٣) شرح الزرقانى [ج٨ ص٨٣] ، المهذب [ج٢ ص٢٨٤] ، المغنى [ج١٠ ص١٣٣] .
(٤) المحلى [ج١١ ص١٨٣، ١٨٨] .

<<  <  ج: ص:  >  >>