للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أو أن تغرب دون محرم، والأصل أنه لا يجوز أن تغرب دون محرم، لقول النبى - صلى الله عليه وسلم -: "لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر مسيرة يوم وليلة إلا مع ذى محرم"، ولأن تغريبها بغير محرم إغراء لها بالفجور، وتضييع لها، وإن غربت بمحرم أفضى إلى تغريب من ليس بزان، ونفى من لا ذنب له، وإن كُلِّفت بحمل أجرته ففى ذلك زيادة على عقوبتها بما لم يرد به الشرع، وبما لا يمكن أن يحدث مثله للرجل.

ولهذا يخصص المالكيون الخبر الوارد فى التغريب، ويجعلونه فى حق الرجل دون المرأة، إذ يلزم من العمل بعمومه مخالفة مفهومه على أنه ليس على الزانى أكثر من العقوبة المذكورة فيه، ووجوب التغريب على المرأة يلزم منه الزيادة على ذلك، وفضلاً عما سبق فإن العمل بعموم النص يؤدى إلى فوات حكمته؛ لأن الحد وجب زجرًا عن الزنا، وفى تغريبها إغراء به وتمكين منه (١) .

ويرى الشافعى وأحمد والظاهريون أن التغريب عقوبة واجبة على كل من الرجل والمرأة (٢) .

٥١٣ - ماهية التغريب: اختلف الفقهاء فى ماهية التغريب، فقال مالك وأبو حنيفة إن التغريب معناه الحبس، فيحبس المغرَّب فى البلد الذى يغرب إليه مدة لا تزيد على سنة، فالتغريب عند المالكيين والحنفيين معناه الحبس فى بلد غير البلد الذى وقعت فيه الجريمة، ومن هذا الرأى الزيديون (٣) .

ويرى الشافعى وأحمد أن التغريب معناه النفى من البلد الذى حدث فيه الزنا إلى بلد آخر، على أن يراقب المغرَّب بحيث بالمراقبة فى البلد الذى غرب إليه، ولا يحبس فيه، فالتغريب عند الشفعيين والحنابلة هو الوضع تحت المراقبة


(١) شرح الزرقانى [ج٨ ص٨٣] ، المغنى [ج١٠ ص١٣٣] .
(٢) أسنى المطالب [ج٤ ص١٢٩] ، المغنى [ج١٠ ص١٣٤] ، المحلى [ج١١ ص٣٣٢] .
(٣) شرح الزرقانى [ج٨ ص٨٣] ، شرح فتح القدير [ج٤ ص٢٧٠] ، حاشية ابن عابدين [ج٣ ص٢٠٣] ، شرح الأزهار [ج٤ ص٣٤١] .

<<  <  ج: ص:  >  >>