للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ترك المروءة لم يبال بما يصنع (١) . ويستدلون على ذلك بما روى أبو مسعود البدرى عن النبى - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى: إذا لم تستح فاصنع ما شئت".

والمروءة عند الحنابلة هى تمسك الإنسان بما يجمله ويزينه وترك ما يشينه، أو هى اجتناب الأمور الدنيئة المزرية بالإنسان من فعل أو قول أو عمل (٢) .

والعدل فى المذهب الزيدى هو ما كان منزهًا عن محظورات دينه. فالعدالة عندهم إذن هى التنزه عن المحظورات الدينية (٣) ، ويعرفها بعضهم بأنها ملازمة التقوى والمروءة.

والعدل عند الظاهريين هو من لم تعرف له كبيرة ولا مجاهرة بصغيرة. والكبيرة هى ما سماها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كبيرة أو ما جاء فيه الوعيد، والصغيرة ما لم يأت فيه وعيد. وهم لا يشترطون المروءة لتحقق العدالة ويرون الاكتفاء بالطاعة واجتناب المعصية؛ لأنه إذا كانت المروءة من الطاعة فالطاعة تغنى عنها، وإن لم تكن من الطاعة فلا يجوز اشتراطها فى أمور الديانة إذ لم يأت بذلك قرآن ولا سنة (٤) .

واختلف الفقهاء فى ثبوت العدالة، فرأى أبو حنيفة والظاهريون أن العدالة تفترض فى الشاهد حتى يثبت جرحه، بمعنى أنه إذا لم يجرح المشهود عليه الشاهد قبلت الشهادة دون أن يكون على القاضى أن يتحرى عن عدالة الشاهد، وحجة أبى حنيفة ما روى عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "الناس عدول بعضهم على بعض إلا محدودًا فى قذف"، وما جاء فى كتاب عمر رضى الله عنه إلى أبى موسى: "والمسلمون عدول بعضهم على بعض إلا مجربًا عليه شهادة زور، أو مجلودًا فى حد، أو ظنينًا فى ولاء أو قرابة"، وحجة الظاهريين أن فاعل الكبيرة فاسق وأن من عداه عدل؛ لقوله تعالى: {إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ


(١) المهذب [ج٢ ص٣٤٣] .
(٢) المغنى [ج١٢ ص٣٣] ، الإقناع [ج٤ ص٤٣٧] .
(٣) شرح الأزهار [ج٤ ص١٩٤] ، البحر الزخار [ج٥ ص٥٠] .
(٤) المحلى [ج٩ ص٣٩٣، ٣٩٥] .

<<  <  ج: ص:  >  >>