للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويرى الزيديون أن الاختلاف لا أهمية له إلا إذا كان على حقيقة الفعل وهو الإيلاج أو مكان الفعل أو وقته أو كيفيته من اضطجاع أو قيام أو غير ذلك، فإن اتفقت شهادة الشهود على ذلك لزم الحد، وإن اختلف فى شئ منه أو أجملوا ولم يفصلوا لم تصح شهادتهم ولا حد عليهم لكمال البينة (١) .

والقاعدة عند الظاهريين أن ما لا تتم الشهادة إلا به فإن الاختلاف فيه مفسد للشهادة، وعندهم أن الشهادة تتم فى الزنا إذا كانت على حصول الزنا من رجل بامرأة أجنبية عنه، وكان الشهود على يقين من ذلك، فإذا اختلف الشهود بعدها فى المكان أو فى الزمان أو فى وصف المزنى بها فلا عبرة باختلافهم، لأن ذكر ذلك والسكوت عنه سواء، ومن ثمَّ تكون الشهادة تامة والحد واجب مع الاختلاف فى هذه المسائل (٢) .

ومن المتفق عليه أن الشهادة على الزنا لا تستلزم قيام دعوى سابقة على الشهادة فيجوز أن يتقدم الشهود بالشهادة دون قيام دعوى الزنا ويترتب على تقدمهم بالشهادة قيام الدعوى، ويحتج الفقهاء فى هذا الوجه بقضية أبى بكرة حيث شهد هو وأصحابه على المغيرة من غير تقدم دعوى، وبقضية الجارود حيث شهد هو وآخر على قدامة بن مظعون بشرب الخمر ولم يتقدمه دعوى.

والعلة فى عدم اشتراط قيام الدعوى فى الزنا أن الحد فى الزنا حق الله تعالى فلا تفتقر الشهادة به إلى قيام الدعوى، لأن الدعوى فى سائر الحقوق إنما تكون من المستحق، وهذا لا حق فيه لأحد من الآدميين فيدعيه، ولو توقفت الشهادة على قيام الدعوى لما أقيمت الشهادة ولا الدعوى (٣) .

ويشترط لصحة الشهادة ولتكون مقنعة للقاضى أن تكون مبنية لماهية الزنا وكيفيته ومتى كان وأين وقع وبمن زنا، وعلى القاضى أن يستفصل الشهود فى هذا كله ليصل إلى حقيقة الأمر.


(١) شرح الأزهار [ج٤ ص٣٣٨] .
(٢) المحلى [ج١١ ص١٤٧] .
(٣) المغنى [ج١٠ ص١٨٨] .

<<  <  ج: ص:  >  >>