للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأما عن ماهية الزنا فلأن الزنا اسم يقع على أنواع لا توجب الحد، فقد روى عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "العينان تزنيان، واليدان تزنيان، والرجلان تزنيان، والفرج يصدق ذلك كله أو يكذبه"، ولا شك أن الحد لا يجب إلا بوطء الفرج بحيث يكون الذكر فى الفرج كالميل فى المُكْحُلة.

وأما عن الكيفية فلاحتمال أن يريد الشهود بالزنا الجماع فيما دون الفرج، لأن ذلك يسمى جماعًا حقيقة أو مجازًا ولكنه لا يوجب الحد.

وأما عن الزمان فلاحتمال أن يشهد بعض الشهود على واقعة غير التى يشهد عليها البعض الآخر، ولاحتمال أن يشهد الشهود بزنا متقادم، والتقادم على رأى أبى حنيفة يمنع من قبول الشهادة كما قدمنا، ولاحتمال أن يشهدوا على زنًا وقع منه وهو صغير.

وأما عن المكان فلاحتمال أن يكون الزنا الذى يشهد به البعض وقع فى بلد غير البلد الذى يشهد البعض الآخر بحصول الزنا فيه، أو لاحتمال أن يكون الزنا وقع فى دار الحرب أو البغى ومثل هذا الزنا لا يعاقب عليه فى رأى أبى حنيفة.

وأما عن المزنى بها فلاحتمال أن تكون الموطوءة ممن لا يجب الحد بوطئها، وإذا كان أبو حنيفة يشترط لقبول الشهادة أن يعرف الشهود الرجل والمرأة، فإن غيره لا يشترط ذلك ويترك لمن ادعى حل الوطء أن يقيم البينة عليه.

وإذا أنكر المتهم الإحصان وشهد به الشهود فعليهم أن يبينوا شروطه، وعلى القاضى أن يستفصل منهم ذلك لاحتمال أنهم يجهلون ماهية الإحصان.

وعلى القاضى أن يستفصل كل مسقطات الحد كما عليه أن يستفصل كل ما يثبته، وأن يتحرى عدالة الشهود وصحة عقولهم وأبصارهم وانتفاء العداوة بينهم وبين المشهود عليه، وغير ذلك مما ترد به الشهادة، حتى يأتى حكمه صحيحًا غير مشوب بعيب (١) .


(١) يراجع فى كل ما سبق: شرح الزرقانى [ج٧ ص١٧٧] ، شرح فتح القدير [ج٤ ص١١٥، ١٦٥] ، المهذب [ج٢ ص٣٥٤] ، الإقناع [ج٤ ص٤٣٣] ، شرح الأزهار [ج٤ ص٣٥١] .

<<  <  ج: ص:  >  >>