للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أو هو شارب خمر وأمر من يشم رائحته، وجعل يستفسره عن الزنا فقال له: "لعلك قبلت أو غمزت؟ "، وفى رواية أخرى: "هل ضاجعتها؟ " قال: نعم، قال: "فهل باشرتها؟ " قال: نعم، قال: "هل جامعتها؟ " قال: نعم، وفى حديث ابن عباس: "أنكتها؟ " لا يُكَنِّى، قال: نعم، قال: دخل ذلك منك فى ذلك منها؟ قال: نعم، قال: وكما يغيب المرود فى المكحلة والرشاء فى البئر؟ قال: نعم، قال: أتدرى ما الزنا؟ قال: نعم أتيت منها حرامًا ما يأتى الرجل من امرأته حلالاً. قال: فما تريد بهذا القول؟ قال: تطهرنى، فأمر به فرجم. فدل ذلك كله على أنه يجب فى الإقرار أن يكون مفصلاً مبينًا لحقيقة الفعل المقر به (١) .

ويترتب على هذا أن الزانى إذا أقر فلا يؤخذ إقراره قضية مسلمة، وعلى القاضى لكى يتحقق من صحة إقراره أن يتحقق أولاً من صحة عقله كما فعل الرسول مع ماعز، قال: "أبك خبل أم بك جنون؟ " وبعث لقومه يسألهم عن حاله، فغذا عرف القاضى أن الزانى صحيح العقل سأله عن ماهية الزنا وكيفيته ومكانه وعن المزنى بها وعن زمان الزنا، فإذا بين ذلك كله على وجه يجعله مسئولاً جنائيًا سأله أمحصن هو أم لا، فإن اعترف بالإحصان سأله عن ماهيته. وسؤال المقر عن زمان الزنا ليس المقصود منه النظر إلى القادم وإنما احتمال أن يكون الزنا وقع قبل البلوغ، والإقرار على قوته حجة قاصرة على نفس المقر لا تتعداه إلى غيره، فمن أقر بأنه زنا بإمرأة أخذ باعترافه أما المرأة فإن أنكرت فلا مسئولية عليها، وإن اعترفت أيضًا أُخذت باعترافها لا باعتراف الرجل، وعلى هذا جرت سنة الرسول - صلى الله عليه وسلم -، فقد روى أبو داود عن سهل بن سعد أن رجلاً جاء الرسول فأقر عنده أنه زنا بامرأة سماها له، فبعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى المرأة فسألها عن ذلك فأنكرت أن تكون زنت فجلده الحد وتركها (٢) .


(١) سبل السلام [ج٤ ص٧، ٨] ، المغنى [ج١٠ ص١٦٧] ، أسنى المطالب [ج٤ ص١٣١] ، شرح فتح القدير [ج٤ ص١١٥] .
(٢) شرح فتح القدير [ج٤ ص١٢٠، ١٥٨] ، المغنى [ج١٠ ص١٦٨] ، أسنى المطالب [ج٤ ص١٣٢] ، المهذب [ج٢ ص٢٨٥] .

<<  <  ج: ص:  >  >>