للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا يشترط حضور شريك المقر فى الزنا فى مجلس الإقرار كما لا يشترط ذلك فى الشهادة، فلو أقر شخص بأنه زنا بامرأة غائبة أقيم عليه الحد. ويصح الإقرار بالزنا ولو جهل المقر شخصية شريكه فى الزنا لأنه بنى إقراره على حقيقة الحال، وإذا أقر الرجل أنه زنا بامرأة فكذبته فهو مأخوذ بإقراره وعليه الحد دونها، كما يرى مالك والشافعى وأحمد (١) ؛ لأن الإقرار حجة فى حق المقر وعدم ثبوت الزنا فى حق غير المقر لا يورث شبهة ما فى حق المقر.

ولكن أبا حنيفة يرى أن لا يحد الرجل المقر لأن الحد انتفى فى حق المنكر بدليل موجب للنفى عنه فأورث شبهة الانتفاء فى حق المقر؛ لأن الزنا فعل واحد يتم بهما فإن تمكنت فيه شبهة تعدت إلى طرفيه، وهذا لأنه ما أقر بالزنا مطلقًا إنما أقر بالزنا بفلانة وقد درأ الشرع عن فلانة وهو عين ما أقر به فيندرئ عنه ضرورة، بخلاف ما لو أطلق فقال زنيت، فإنه وإن احتمل كذبه لكن لا موجب شرعى يدفعه، وبخلاف ما لو كانت غائبة لأن الزنا لم ينتف فى حقها بدليل يوجب النفى وهو الإنكار. ويتفق رأى أبى يوسف ومحمد مع رأى الأئمة الثلاثة (٢) .

ويشترط بعد تفصيل الإقرار أن يكون الإقرار صحيحًا، ولا يكون كذلك إلا إذا صدر عن عاقل مختار، فيجب أن يكون المقر عاقلاً مختارًا لأن المكره والمجنون لا حكم لكلامهما والقلم مرفوع عنهما، وقد روى عن على رضى الله عنه أنه قال: "رفع القلم عن ثلاثة: عن النائم حتى يستيقظ، وعن الصبى حتى يحتلم، وعن المجنون حتى يعقل"، وروى عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "رفع عن أمتى الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه".

٥٣٩ - إقرار زائل العقل: ينقل ما كتب عن ذلك فى القتل ويضاف إليه: وإن كان يجن مرة ويفيق مرة أخرى فأقر فى إفاقته أنه زنا وهو مفيق فعليه الحد


(١) أسنى المطالب [ج٤ ص١٣٢] ، المغنى [ج١٠ ص١٦٨] .
(٢) شرح فتح القدير [ج٤ ص١٥٨] .

<<  <  ج: ص:  >  >>