للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دون خلاف لأن الزنا الموجب للحد وقع منه فى حال تكليفه والقلم غير مرفوع عنه وإقراره وجد فى حال يعتبر فيها كلامه، فإن أقر فى إفاقته ولم يضف الزنا إلى حال الإفاقة لم يجب الحد؛ لأنه يحتمل أن الزنا وقع فى حال الجنون ولا يجب الحد مع الاحتمال (١) .

٥٤٠ - إقرار النائم: والنائم مرفوع عنه القلم، فلو زنا بنائمة أو استدخلت امرأة ذكر نائم أو وجد منه الزنا حال نومه، فلا حد عليه؛ لأن القلم مرفوع عنه، ولو أقر فى حال نومه لم يلتفت لإقراره لأن كلامه غير معتبر ولا يدل على صحة مدلولة (٢) .

ويشترط أبو حنيفة فى المقر أن يكون قادرًا على النطق لأن الإقرار عنده يجب أن يكون بالخطاب والعبارة لا بالكتاب والإشارة، وعنده أن الأخرس لو أقر فى كتاب وأشار إلى صحة صدوره منه إشارة معلومة لم يقبل إقراره لأن الشريعة علقت الحد على البيان المتناهى والبيان لا يتناهى إلا بالصريح والإشارة والكتابة بمنزلة الكناية، ولكن الأئمة الثلاثة يقبلون إقرار الأخرس إذا فهمت إشارته (٣) .

ومن المتفق عليه أن البصر لا يعتبر شرطًا فى الإقرار، فإقرار الأعمى بالزنا صحيح، ولا يقبل الإقرار ممن لا يتصور وقوع الفعل منه كالمجبوب إذ لا يمكن أن يقع منه الفعل لانعدام الآلة، ويقبل إقرار الخصى والعنين لتصور الزنا منهما إذ لا يشترط لتحقق الوطء أكثر من دخول الحشفة فى الفرج ولو بغير انتشار (٤) .

٥٤١ - أثر التقادم على الإقرار: لا أثر للتقادم على الإقرار بالزنا عند من يقول بالتقادم؛ لأن أثر التقادم على الشهادة بنى على تمكن التهمة والضغينة، أما الإقرار فلا تهمة فيه لأن المرء لا يُتهم فيما يقر به على نفسه (٥) .


(١) المغنى [ج١٠ ص١٧٠] .
(٢) المغنى [ج١٠ ص١٧٠] .
(٣) شرح فتح القدير [ج٤ ص١١٧] ، بدائع الصنائع [ج٧ ص٤٩] ، المغنى [ج١٠ ص١٧١] ، أسنى المطالب [ج٤ ص١٣١] .
(٤) المغنى [ج١٠ ص١٧١] ، بدائع الصنائع [ج٧ ص٥٠] .
(٥) شرح فتح القدير [ج٤ ص١٦١] .

<<  <  ج: ص:  >  >>