ويعرف المحرم: بأنه ما طلب من المكلف الكف عن فعله طلباً حتماً، بأن تكون صيغة طلب الكف دالة على الحتم، مثل قوله تعالى:{حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالْدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ}[المائدة: ٣] ، أو أن يكون النهي عن الفعل مقترناً بما يدل على أنه حتم، مثل قوله تعالى:{وَلاَ تَقْرَبُواْ الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً}[الإسراء: ٣٢] ، وقوله:{وَلاَ تَقْتُلُواْ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلاَّ بِالحَقِّ}[الإسراء: ٣٣] ، أو أن يكون الأمر بالاجتناب مقترناً بذلك، نحو قوله تعالى:{إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ}[المائدة: ٩٠] ، أو أن يكون طلب الكف مقترناً بترتيب عقوبة، مثل قوله تعالى:{وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاء فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً}[النور: ٤] .
ويعرف الواجب: بأنه ما طلب فعله من المكلف طلباً حتماً بأن أقترن طلبه بما يدل على تحتيم فعله، مثل قوله تعالى:{وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ}[آل عمران: ١٠٤] ، ومثل قوله:{إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِالْعَدْلِ}[النساء: ٥٨] .
ويختلف المحرم عن المكروه: فالمكروه هو ما طلب من المكلف الكف عن فعله طلباً غير حتم، فإن كان الطلب حتماً فهو محرم.
ويختلف الواجب عن المندوب: فالمندوب هو ما طلب فعله من المكلف طلباً غير حتم، فإن كان الطلب حتماً فهو الواجب.
وقد يشتمل المحرم بالمكروه، ويشتبه الواجب بالمندوب، وفي هذه الحالة يعتمد على القرائن لبيان نوع الطلب، فإن دلت القرائن على الكف المحتم فهو المحرم، وإن دلت على الفعل المحتم فهو الواجب، أما إذا دلت على الكف غير المحتم فهو المكروه، وإن دلت على الفعل غير المحتم فهو المندوب. ومن أهم القرائن المعتبرة في حالة الاشتباه قرينة العقوبة، فإن فرضت على مخالفة الطلب عقوبة فالفعل محرم أو واجب، وإن لم تفرض عقوبة فالفعل مكروه أو مندوب، ما لم يستفد الحتم من قرينة أخرى، ولهذا يعرف بعض العلماء الأصول المحرم: