للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حنيفة وأبى يوسف أن حد الشرب ثبت بإجماع الصحابة وأن ابن مسعود كان يشترط الرائحة ولا إجماع إلا برأيه (١) .

ويشترط أبو حنيفة وأصحابه لقبول الشهادة عدم التقادم أى مضى زمن على وقوع الجريمة, وقد تكلمنا عن التقادم على الكلام على الزنا, ولكن أبا حنيفة وأبا يوسف يجعلان مدة التقادم فى الشرب والسكر مقدرة بزوال الرائحة، فإذا سكت الشهود عن الحادث حتى زالت الرائحة فقد تقادمت الشهادة وامتنع قبولها.

ولكن محمداً يقدر مدة التقادم بشهر (٢) . "على أنه من المسلم به لدى الجميع أنه لا تقادم إذا أخذ الشهود الجانى وريحها توجد فيه أو سكران من غيرها وريح ذلك الشراب يوجد منه وذهبوا به إلى الإمام فى مكان بعيد فانقطع الريح قبل أن ينتهوا به؛ لأن التأخير ليس أساسه سكوت الشهود على الجريمة وإنما يرجع لبعد المسافة فلا تهمة فى هذا التأخير. ومما يؤثر فى ذلك أن قوماً شهدوا عند عثمان على عقبة بشرب الخمر وكان بالكوفة فحمل إلى المدينة فأقام عليه الحد, ولا شك أن الرائحة قد زالت عندما وصل الشهود إلى المدينة ولكن التقادم لم يعتبر لأن التأخير كان بعذر وهو بعد المسافة عن الإمام" (٣) .

ولا يسلم بقية الأئمة بنظرية أبى حنيفة فى عدم قبول الشهادة بالتقادم, وإن كان هناك رأى لأحمد يتفق مع رأى أبا حنيفة ولكنه غير معمول به فى المذهب, وقد سبق أن بينا ذلك عند الكلام عن الزنا.

٥٨٩- ثانياً: الإقرار: تثبت الجريمة بإقرار الجاني, ويكفى فى الإقرار مرة واحدة فى المذاهب الأربعة, وإن كان أبو يوسف يرى أن كل إقرار يسقط بالرجوع بعدد الإقرار فيه كعدد الشهود (٤) . ويسرى على


(١) شرح فتح القدير ج٤ ص١٧٨ وما بعدها.
(٢) شرح فتح القدير ج٤ ص١٦٤, ١٦٥.
(٣) شرح فتح القدير ج٤ ص١٨١.
(٤) بدائع الصنائع ج٧ ص٥٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>