للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإقرار هنا ما يسرى على الإقرار فى الزنا. وإذا أقر الجانى وهو سكران فحكم إقراره [يراجع ما كتب فى القتل عن إقرار السكران] .

ويشترط أبو حنيفة وأبو يوسف أن لا يكون الإقرار قد تقادم, فإذا كان قد تقادم لم يقبل من المقر, وحد التقادم عندهما هو ذهاب الرائحة, فمن أقر بشرب الخمر أو السكر بعد ذهاب الرائحة لم يقبل إقراره, ولكن محمداً لا يرى بطلان الإقرار بالتقادم لأن عدم القبول للتقادم سببه التهمة والإنسان لا يتهم على نفسه فإذا أقر أخذ بإقراره مهما مضى على الحادث (١) .

٥٩٠- الرائحة: يرى مالك أن الرائحة وحدها تعتبر دليلاً على الشبر ولو لم يشهد أحد برؤية الجانى وهو يشرب, فإن شهد شخصان بقيام الرائحة فى فم الشارب أو شهد أحدهما برؤيته يشرب وشهد الثانى بأنه شم من فيه رائحة الخمر فعلى الجانى الحد, وهذا الرأى رواية عن أحمد.

ولكن أبا حنيفة والشافعى ورأيهما الرواية الراجحة لأحمد يريان أن الرائحة لا تعتبر وحدها دليلاً على الشرب, ويرى أبو حنيفة كما قدمنا أن الرائحة يجب أن يثبت وجودها مع الشهادة بالشرب, وهو يخالف فى هذا الشافعى وأحمد, والقائلون بالحد بالرائحة يحتجون بأن ابن مسعود جلد رجلاً وجد فيه رائحة الخمر, وبما روى عن عمر أنه قال: إنى وجد من عبيد الله ريح شراب فأقر أنه شرب الطلا, فقال عمر: إنى سائل عنه فإن كان مسكراً جلدته, ويحتجون بأن الرائحة تدل على الشرب فجرى مجرى الإقرار. أما الذين لا يقبلون الرائحة دليلاً فيرون أن الرائحة يجوز أن تكون من غير الشرب فيحتمل أنه تمضمض بها أو حسبها ماء فلما صارت فى فيه مجها, أو أكل نبتاً أو شرب شراب التفاح فإنه يكون منه كرائحة الخمر, وإذا احتمل ذلك لم يجب الحد لأن الحد يدرأ بالشبهات (٢) .

٥٩١- السكر: يعتبر أبو حنيفة وجود الشخص فى حالة سكر دليلاً


(١) شرح فتح القدير ج٤ ص١٨٠, ١٨١.
(٢) المغنى ج١٠ ص٣٣٢, شرح الزرقانى ج٨ ص١١٣, نهاية المحتاج ج٨ ص١٤, شرح قتح القدير ج٤ ص١٨٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>