للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما إذا كان المال تافهاً كالسمك والملح فلا قطع فيه لتفاهته. فالعبرة فى القطع وعدمه بالتفاهة وليست بإباحة الجنس، وهذا هو الرأى الراجح فى مذهب أبى حنيفة (١) .

ولا يرى فقهاء المذاهب الأخرى رأى أبى حنيفة فى أن التفاهة تمنع من القطع، والقاعدة العامة عندهم أن كل ما يمكن تملكه ويجوز بيعه وأخذ العوض عنه يجب القطع فى سرقته (٢) . ولكنهم اختلفوا فى تطبيق هذه القاعدة وسنبين فيما يلى حدود هذا الاختلاف. فمالك يرى القطع فى كل مال أياً كان ولو كان محقراً فى نظر الناس كالماء والحطب ونحو ذلك مما أصله مباح للناس لأنه متمول يجوز تملكه ويجوز بيعه وأخذ العوض عنه، ويستوى بعد ذلك أن يكون مباحاً للناس أو غير مباح ما دام المجنى عليه قد حازه فى حوزه الخاص كما يستوى أن يكون معرضاً للفساد أو غير معرض (٣) .

ويرى مالك القطع فى سرقة الجوارح طيوراً أو سباعاً إذا بلغت قيمة أحدها النصاب ولو كانت لا تبلغ هذه القيمة إلا لتعليمها الصيد لأن تعليم الصيد منفعة شرعية فإذا لم تكن معلمة فالقطع إذا بلغت قيمة لحم الطير وريشه النصاب، وإذا بلغت قيمة جلد السبع النصاب، ولا تراعى قيمة لحم السبع لكراهته أو للقول بحرمته، وعلى هذا فسارق جلد السبع يقطع، وسارق لحمه فقط لا يقطع (٤) .

ويرى القطع فى جلد الميتة سواء كانت الميتة مما يؤكل أو لا يؤكل، ولكن بعد الدبغ وبشرط أن يزيد الدباغ فى قيمة الجلد نصاباً وإلا فلا قطع (٥) .

ولا يرى مالك القطع فى الطيور المحببة كالبلبل والببغاء وأشباههما إلا إذا كان لحمها وريشها يساوى نصاباً، فإن كانت لا تساوى النصاب إلا لإجابتها فلا قطع لأن الإجابة ليست منفعة شرعية (٦) .


(١) بدائع الصنائع ج٧ ص٦٩، شرح فتح القدير ج٤ ص٢٢٦.
(٢) بداية المجتهد ج٢ ص٣٦٧.
(٣) شرح الزرقانى ج٨ ص٩٥.
(٤) شرح الزرقانى ج٨ ص٩٥.
(٥) شرح الزرقانى ج٨ ص٩٥.
(٦) شرح الزرقانى ج٨ ص٩٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>