للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويرى مالك أن المسجد فى أصله ليس حرزاً بنفسه ولكن بناء المسجد نفسه وأدواته المعدة للاستعمال فيه كالحصر والبسط والقناديل كل ذلك يعتبر حرزاً بنفسه, فالحائط يعتبر حرزاً بنفسه, وسقف المسجد حرزاً بنفسه, وقناديله محرزة بنفسها؛ وهكذا, فمن سرق من بناء المسجد أو أدواته المعدة للاستعمال فيه فقد سرق من حرز بنفسه. ولا يشترط أن يخرج بما سرق من باب المسجد بل يكفى أن يزيل الشىء عن مكانه؛ لأن كل شىء يعتبر حرزاً مستقلاً بنفسه, فإذا أزال البساط عن مكانه تمت السرقة دون حاجة لأن يخرج به من الباب, وإذا أزال خشبة من السقف تمت السرقة دون حاجة للخروج من الباب, وهكذا. أما الأموال التى توضع فى المسجد بصفة مؤقتة كملابس المصلين وأحذيتهم وحصير أو سجاد يحضرها أحد المصلين ليصلى عليها هو أو غيره فسرقة هذه وأمثالها لا قطع فيها لأن المسجد لم يعدّ لحفظ المال أصلاً, لكن إذا كان عليها حارس يلاحظها ففيها القطع لأن السرقة تحدث من حرز بالحافظ (١) . ويفرق بعض المالكية فى أدوات المسجد بين المثبت والمسمر منها والمشدود بعضه إلى بعض كالقناديل المسمرة المشدودة بالسلاسل والبلاط المثبت والحصر المسمرة أو المخيط بعضها فى بعض- فهذه فى سرقتها القطع, أما غير المثبت فلا قطع فيه.

وعند الشافعى أن المسجد فى أصله ليس حرزاً بنفسه (٢) ولكنه يعتبر حرزاً بنفسه فيما جعل لعمارته كالبناء والسقف ولتحصينه كالأبواب والشبابيك ولزينته كالستائر والقناديل المعدة للزينة، فمن سرق شيئاً مجعولاً للعمارة أو التحصين أو الزينة فقد سرقه من حرز بالمكان. أما ما أعد لانتفاع الناس به كالحصر والبسط والمصاحف والقناديل المعدة للإضاءة فلا قطع فيها ولو كان هناك حافظ ولو أن السرقة من حرز بالحافظ؛ لأن هذه المسروقات جعلت للانتفاع العام وحق السارق فى الانتفاع بها شبهة تدرأ الحد.


(١) شرح الزرقانى ج٨
(٢) أسنى المطالب ج٤ ص١٤٢, نهاية المحتاج ج٧ ص٤٢٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>