للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

آخر؛ لأن كلاً من الزوجين مأذون له بدخول منزل صاحبه كما أنه ينتفع بماله عادة وهذا يوجب خللاً فى الحرز (١) . وفى مذهب الشافعى ثلاثة آراء, أحدها كرأى مالك, والثانى كرأى أبى حنيفة, والثالث يرى أصحابه قطع الزوج إذا سرق مالاً محجورًا عنه من مال الزوجة ولا يرى قطع الزوجة إذا سرقت ما حجر عنها من مال الزوج, وحجتهم أن للزوجة حقًا فى مال الزوج لأنه ملزم بالإنفاق عليها وليس الزوج كذلك (٢) . والرأى الأول هو الراحج فى المذهب (٣) . وفى مذهب أحمد رأيان أحدهما كرأى مالك, والثانى كرأى أبى حنيفة (٤) . ومذهب الشيعة الزيدية فيه الرأيان: رأى مالك وأبى حنيفة (٥) . أما الظاهريون فيرون القطع على كل واحد من الزوجين إذا سرق من مال صاحبه ما لم يبح له أخذه سواء كان محرزًا عنه أو غير محرز؛ لأن الظاهريين لا يعترفون بالحرز, أما إذا كان المأخوذ مباحًا أخذه كنفقة الزوجة أو طعامها أو كسوتها فلا قطع فيه (٦) .

وهذا هو حكم السرقة بين الزوجين ما دامت السرقة قد وقعت والزوجية قائمة, ولا عبرة بالدخول, فلو حدث الطلاق قبل الدخول فلا قطع فيما يقع من سرقات بين الزوجين من وقت الزواج إلى وقت الطلاق لأن الزوجية كانت قائمة وقت السرقة, أما ما يقع بعد الطلاق ففيه القطع لأن غير المدخول بها لا عدة لها لقوله تعالى: {فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا} [الأحزاب:٤٩] , وإذا كانت السرقة فى عده الطلاق الرجعى فلا قطع أيضًا لأن الزوجية تظل قائمة حتى تنتهى العدة, أما السرقة فى عدة الطلاق البائن ففيها القطع. ولكن أبا حنيفة لا يرى القطع إذا وقعت السرقة فى عدة الطلاق البائن؛ لأن النكاح فى حال العدة قائم من وجه كما أن أثره قائم وهو العدة, وقيام النكاح من كل وجه يمنع القطع فقيامه من وجه


(١) بدائع الصنائع ج٧ ص ٧٥.
(٢) المذهب ج٢ ص ٢٩٩.
(٣) نهاية المحتاج ج٧ ص ٤٢٤, أسنى المطالب ج٤ ص١٤١.
(٤) المغنى ج١٠ ص ٢٨٧.
(٥) شرح الأزهار ج٤ ص ٣٧٦.
(٦) شرح الأزهار ج٤ ص٣٧٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>