للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أو قيام أثره يورث الشبهة والحدود تدرأ الشبهات (١) .

وإذا كانت السرقة بعد انتهاء العدة ففيها القطع بلا خلاف, وقيام الزوجية بعد السرقة لا أثر له على السرقة التى وقعت قبلها فيقطع السارق فيها, ولا يخالف فى هذا إلا الحنفية فإنهم يرون أن الزواج إذا حصل قبل الحكم فى الجريمة لم يحكم فيها بالقطع لأن الزواج مانع طرأ على الحد والمانع الطارئ عند الحنفية له حكم المانع المقارن إذا أدى لإسقاط الحد. ويرى أبو حنيفة أن الزواج إذا حصل بعد الحكم وقبل تنفيذ العقوبة لم يقطع, وحجته أن الإمضاء فى باب الحدود من تمام القضاء فكانت الشبهة المعترضة على الإمضاء كالمعترضة على القضاء, وكان الطارئ على الحدود قبل الإمضاء بمنزلة الموجود قبل القضاء. ولكن أبا يوسف يرى فى هذه الحالة عدم سقوط حكم القطع بالزواج لأن المانع من القطع فى حالة الزوجية هو شبهة عدم الحرز, فإذا اعتبرت الزوجية الطارئة شبهة مانعة من القطع لكان معنى ذلك اعتبار الشبهة وهى ساقطة فى باب الحدود (٢) .

واختلف فى مذهب أبى حنيفة فيما إذا كان الحرز المعتبر للشيء المسروق هو حرز مثله أو حرز نوعه, فرأى البعض أن يعتبر فى الشيء حرز المثل؛ فالإسطبل مثلاً حرز الدابة والحظيرة حرز الشاة والبيوت والخزائن حرز النقود والجواهر, ورأى البعض أن ما كان حرز النوع جاز أن يكون حرزًا للأنواع كلها؛ فالإسطبل مثلاً حرز للدابة فيجوز أن يكون حرزًا للنقود أو الجواهر (٣) .

ولكن الأئمة الثلاثة والشيعة الزيدية يرون هذه المسألة للعرف ويرون أن حرز الشيء هو ما جرت العادة بحفظه فيه وما لا يعتبر صاحبه مضيعًا, والمرجع فى تعيين ذلك للعرف, فرأيهم إذن يتفق مع الرأى الأول فى مذهب أبى حنيفة (٤) .


(١) بدائع الصنائع ج٧ ص ٧٦.
(٢) بدائع الصنائع ج٧ ص ٧٦, شرح فتح القدير ج٤ ص ٢٤٠.
(٣) بدائع الصنائع ج٧ ص٧٦, شرح فتح القدير ج٤ ص٢٤٢.
(٤) شرح الزرقانى ج٨ ص٩٨, أسنى المطالب ج٤ ص١٠١, المغنى ج١٠ ص٢٥٠, شرح الأزهار ج٤ ص ٢٧٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>