للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هو المختفى بأخذ ما ليس له, ويترتب على هذا التعريف أن يقطع السارق كلما أخذ ما ليس له, ولو كان أخذه من سارق أو غاصب (١) .

ويترتب على الحكام السابقة انه إذا سرق السارق من آخر فدرئ القطع عن الأول كان القطع على الثاني, لأن يده تصبح يد ضامن فى رأى أبى حنيفة, وإذا قطع السارق الأول فى مال فسرقه منه آخر فلا قطع على الآخر, لأن يد المسروق منه ليست يد ملك ولا أمانه ولا ضمان, إذ هو بالقطع لا يضمن المسروق, وعند أحمد لا قطع على السارق الثانى سواء قطع الأول أو درئ عنه القطع, لأن السرقة ليست من المالك أو من يقوم مقامه. وعند مالك يقطع السارق الثانى سواء قطع الأول أم لم يقطع, لأنه سرق مالاً للغير لا شبهة له فيه من حرزه ولو توالت السرقات وتعدد السراق (٢) .

وكذلك الحكم عند الظاهرية, أما عند الشافعى والشيعة الزيدية, فبعضهم يرى القطع على السارق الثانى وبعضهم لا يراه, لأن منهم من يأخذ برأى يتفق مع رأى مالك, ومنهم من يأخذ برأى يتفق مع رأى أحمد, كما ورد ذلك فى المراجع السابقة.

وإذا سرق السارق مالاً فقطع فيه ورد المال لصاحبه فعاد نفس السارق وسرق نفس الشيء قطع أيضًا بالسرقة الثانية بهذا المال فى رأى مالك والشافعى وأحمد والظاهريين, لأن القطع عقوبة تتعلق بفعل السرقة, فتكرر العقوبة كلما تكرر الفعل, ولا عبره بالعين التى يقع عليها الفعل, ويستوى عندهم أن تكون العين قد بقيت على حالتها التى كانت عليها وقت السرقة الأولى أم تكون قد تغيرت (٣) .

ويفرق الحنفيون بين ما إذا كان الشيء قد بقى على حاله أم تغير, فإن كان الشيء باقيًا على حاله فالقياس هو القطع, إلا أن بعض الفقهاء فى المذهب لا يرون


(١) المحلى ج١١ ص٣٢٧.
(٢) المدونة ج١٦ ص٦٩.
(٣) المدونة ج١٦ ص٦٩, أسنى المطالب ج٤ ص١٤١, كشاف القناع ج٤ ص٨٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>