للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القطع استحسانًا, لأن عصمة المال تسقط بالسرقة الأولي, فإذا عادت العصمة بالرد فإنها تعود مع شبهة العدم, لأن السقوط لضرورة وجوب القطع, وأثر القطع قائم بعد الرد فيورث شبهة فى العصمة. أما إذا كان المال قد تغير فالقاعدة فى المذهب الحنفى أنه إذا كان المال قد تغير وأصبح فى حكم عين أخرى ففيها القطع, فإذا سرق غزلاً فرده للمالك فنسجه ثوبًا فعاد وسرق الثوب قطع به, ولو سرق بقرة فقطع فيها ثم ردت لمالكها فولدت عجلاً فسرق العجل يقطع به لأنه سرق عينًا أخرى (١) .

وفى مذهب الشيعة الزيدية رأيان: أولهما يرى أن من عاد إلى سرقة ما قد قطع فيه لم يقطع, ورأى يرى أنه يقطع, وحجة من لا يرى القطع أن القطع الأول يصبح شبهة (٢) .

ولا قطع فى مذهب أبى حنيفة على من ضمن المسروق قبل إخراجه من الحرز, لأن وجوب الضمان يؤدى إلى ملك المضمون من وقت وجود سبب الضمان, فكأنه ملكه قبل إخراجه من الحرز, واختلفوا فيمن سرق ثوبًا فشقه قبل الخروج به من الحرز أو ذبح شاة ثم أخرجها من الحرز مذبوحة, فقال أبو يوسف بعدم قطع السارق, لأنه شق الثوب وذبح الشاة فى الحرز يؤخذ منه سبب الضمان فى الحرز, ووجوب الضمان يوجب ملك المضمون من وقت وجود السبب, وذلك يمنع القطع. ويرى أبو حنيفة ومحمد قطع سارق الثوب, لأن السرقة تمت والثوب على ملك المجنى عليه إذ الملك لا يزول عنه إلا باختيار الضمان, فقبل الاختيار كان الثوب على ملكه وعلى هذا فيقطع, وكذا الأمر فى الشاة, إلا أنه لما أخرج الشاة من الحرز كانت لحمًا ولا قطع فى اللحم, أما لو أتلف الثوب إتلافًا يستهلكه فلا قطع عليه وإن كانت قيمه الثوب بعد إخراجه نصابًا, لأن التخريق أو الشق المستهلك يوجب استقرار الضمان من وقت الفعل, وهذا


(١) بدائع الصنائع ج٧ ص٧٢, ٧٣.
(٢) شرح الأزهار ج٤ ص٣٧٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>