للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويرى مالك قطع المستأمن إذا سرق مسلمًا أو غير مسلم, كما يرى قطع المسلم والذمى فى سرقة مال المستأمن (١) .

وفى مذهب الشافعى أقوال فى سرقة المعاهد والمستأمن والسرقة منهما. وأحسن هذه الأقوال أنه يقطع إذا اشترط فى العهد أو الأمان قطعه بسرقة, لأنه فى هذه الحالة يكون ملتزمًا بالأحكام, فإذا لم يشترط ذلك فلا يقطع لانتفاء التزامه ويكون حكمه حكم الحربى. ولا يقطع أيضًا مسلم أو ذمى بسرقتهما ماله إلا إذا اشترط قطعه فى السرقة لاستحالة قطعهما بماله دون قطعه بمالهما (٢) . على أن البعض يرى ألا يقطع المستأمن والمعاهد بالسرقة ولو اشترط قطعهما بها, ولا يقطع لهما بسرقة مالهما (٣) .

وفى مذهب أحمد رأيان: أرجحهما أن يقطع المستأمن بسرقة المسلم والذمى ويقطعان بسرقته؛ لأن القطع حد يجب عليه كحد القذف, وإذا كان القطع واجبًا لصيانة الأموال فإن حد القذف واجب لصيانة الأعراض, فإن وجب أحدهما فى حق المستأمن وجب الآخر, فأما حد الزنا فلم يجب, لأنه يجب بالزنا قتله انقضه العهد, ولا يجب مع القتل حد سواه. وهذا رد على أصحاب الرأى الثانى الذين يقولون إن المستأمن لا يقطع بالسرقة, لأنه حد لله تعالى فلا يقام عليه حد كحد الزنا (٤) .

سرقة الكفن: يرى أبو حنيفة ألا قطع فى سرقة الأكفان, وله فى ذلك حجتان: الأولى: أن الكفن مال تافه, لأن الطباع السليمة تنفر من ذلك, ولأنه لا ينتفع به مثل ما ينتفع بلباس الحي, ففى مالية الكفن إذن قصور, والقصور فوق الشبهة والشبهة تدرأ بالحد, فالقصور أولى. الثانية: أن الكفن ليس مملوكًا لأحد


(١) المدونة ج١٦ ص٧٥, ٩١, شرح الزرقانى ج٨ ص٩٢, ٩٧.
(٢) نهاية المحتاج ج٧ ص٤٤٠.
(٣) أسنى المطالب ج٤ ص١٥٠.
(٤) المغنى ج١٠ ص٢٧٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>