للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فهو ليس ملك الميت؛ لأن الميت لا ملك له, وهو ليس على ملك الورثة؛ لأن تكفين الميت وتجهيزه مقدم على حق الورثة, وإذن فهو غير مملوك لأحد (١) .

وأما مالك وأحمد والشافعى ومعهم أبو يوسف من أصحاب أبى حنيفة فيرون قطع سارق الكفن, لأنهم لا يقرون نظرية التافهة التى يقول بها أبو حنيفة. وعندهم أن كل ما يباع ويشترى فهو مال متقوم يقطع فى سرقته, وعلى هذا فالكفن مال مسروق من حرز مثله وهو القبر, وهو على ملك الميت إن كان من ماله, أو على ملك الورثة على رأى, والأصل أن الميت لا يزول ملكه إلا عما لم يكن فى حاجة إليه أما الكفن فهو فى حاجة إليه فبقى على ملكه, ولكنهم يشترطون للقطع أن يكون الكفن مشروعًا وأن تبلغ قيمته نصابًا, فإن كان الكفن زائدًا عن الحد الشرعى فلا تدخل قيمة الزائد فى احتساب النصاب, وإنما تحتسب فقط قيمة الجزء المشروع, فإن قلت عن النصاب فلا قطع, وكذلك لا قطع فيما يوضع مع الميت فى قبره من الأشياء الثمينة كالمصوغات وغيرها؛ لأن الشرع لا يبيح وضع هذه الأشياء من ناحية, ولأن القبر ليس حرزًا لها من ناحية أخرى.

ويشترط الشافعيون أن يكون القبر فى بيت محرز أو فى مقبرة فى عمارة ولو فى جنب البلد, فإن كان القبر فى بيت غير محرز أو فى مفازة فلا قطع, ولكن الحنابلة يرون القبر حرزًا ولو بعد عن العمران ما دام القبر مطمومًا الطم الذى جرت به العادة (٢) .

ويرى الظاهريون قطع سارق الكفن؛ لأن السارق هو الآخذ شيئًا لم يبح الله تعالى أخذه, فيأخذه ممتلكًا له مستخفيًا به, وتلك صفة النباش فهو السارق (٣) .


(١) بدائع الصنائع ج٧ ص٦٩, ٧٦.
(٢) شرح الزرقانى ج٨ ص١٠١, أسنى المطالب ج٤ ص١٤٥, المغنى ج١٠ ص٢٨٠, كشاف القناع ج٤ ص٨٢.
(٣) المحلى ج١١ ص٧٣٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>