للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالنسبة للحد لا يمنع من ثبوت المال المسروق للمجنى عليه بنفس الشهادة, ولا يمنع من تعزير الجانى بهذه الشهادة وتضمينه قيمة المسروق, لأن التقادم يمنع من قبول الشهادة على الحدود الخالصة لشبهة الضغينة, والشبهة تدرأ الحد، ولكنها لا تمنع وجوب المال.

أما الأئمة الثلاثة فلا يعرفون التقادم ولا يسلمون به, فتقبل الشهادة عندهم تقادمت أو لم تتقادم ما دام القاضى مقتنعًا بصحتها.

وهناك رواية عن أحمد بأنه يقبل التقادم فى الحدود (١) .

وإذا تعدد السراق, وكان بعضهم غائبًا وبعضهم حاضرًا تثبت السرقة عليهم جميعًا بشهادة شاهدين, ويقطع الحاضر من الجناة, أما الغائب فلا يقطع بهذه الشهادة, بل يجب أن تعاد البينة فى مواجهته, أو تثبت عليه الجريمة فى مواجهة بينة أخري (٢) , وهو ما يراه الأئمة الثلاثة. وعلى القاضى أن يتحقق من عدالة الشهود فى الحدود ولو لم يطعن المتهم فى شهادتهم, ولكنه غير ملزم بالتحقق من عدالتهم فى غير الحدود, ما لم يطعن فى شهادتهم على الرأى الراجح فى مذهب أبى حنيفة.

ويشترط أبو حنيفة لقبوله الشهادة على السرقة الموجبة للقطع قيام الخصومة ممن له يد صحيحة على الشيء المسروق, فإذا حضر الشهود, وقبل المجنى عليه أو من له حق الخصومة وشهدوا بالسرقة, لم تقبل شهادتهم ما لم يحضر من له حق المخاصمة أو المجنى عليه ويخاصم, لأن من شرط السرقة أن يكون الشيء مملوكًا لغير السارق, فلا تظهر السرقة إلا بالخصومة, فإذا لم توجد الخصومة لم تقبل الشهادة, إلا أن عدم قبول الشهادة لا يمنع القبض على المتهم وحبسه بناء على تبليغ الشهود بالسرقة إذ التبليغ اتهام, والقبض والحبس لا يجوز أن يتوجه


(١) المغنى ج١٠ ص١٨٧, بدائع الصنائع ج٧ ص٨١, وراجع الجزء الأول من التشريع الجنائى الإسلامى.
(٢) شرح فتح القدير ج٤ ص٢٥٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>