يرجع عليه بالقيمة, لأن الرجوع بالقيمة معناه الضمان, وقد انتهى الضمان عن السارق بالقطع, أما الرجوع بالثمن فلا يوجب على السارق ضمانًا فى عين المسروق, وإن كان قد هلك فى يد المتصرف إليه فلا ضمان عليه ولا على السارق؛ لأن السارق قطع, والقطع ينفى الضمان, ولأن تضمين المتصرف إليه يعطيه حق الرجوع على السارق بالضمان, فتكون النتيجة تضمين السارق, وقطعه ينفى عنه الضمان, فإذا كان المتصرف إليه قد استهلك المسروق كان للمجنى عليه أن يرجع بقيمة المسروق على المتصرف إليه, لأنه قبض ماله بغير إذن واستهلكه وكان للمتصرف إليه أن يرجع على السارق بالثمن, والرجوع بالثمن ليس تضمينًا, وإنما التضمين هو الرجوع بالقيمة, وإذا غصب مال المسروق شخص من السارق كان للمجنى عليه أن يسترد المال من يد الغاصب, فإذا هلك المال فى يد الغاصب كان للمجنى عليه أن يرجع على الغاصب بقيمته على رأى, ولم يكن له على رأى آخر, لأن عصمة المال قد سقطت بالقطع (١) . واختلف فقهاء الحنفية فى حالة تعدد السرقات, وتعدد المجنى عليهم. والقاعدة أنه إذا تعددت السرقات قبل الحكم تداخلت الحدود وأجزأ أحدها, فيقطع السارق مرة واحدة فى كل السرقات.
والخلاف ليس على هذه القاعدة فهى مسلم بها من الجميع, وإنما اختلفوا فى الضمان إذا تعددت السرقات, ففريق يرى أن المجنى عليهم إذا حضروا جميعًا وخاصموا فلا ضمان على السارق, لأن مخاصمة السارق فى المسروق تقوم مقام الإبراء من الضمان, أما إذا خاصم أحدهم أو بعضهم ولم يخاصم الباقون فالضمان لمن لم يخاصم, وهذا هو رأى أبى يوسف ومحمد, وحجتهما أن المجنى عليه مخير بين أن يدعى المال فيستوفى حقه وهو الضمان, وبين أن يدعى السرقة فيستوفى حق الله تعالى فهو القطع ولا ضمان له, فسقوط الضمان أساسه عندهما الادعاء بالسرقة. أما الرأى المضاد فهو رأى أبى حنيفة, ويرى أن لا ضمان لأحد من المجنى عليهم؛ لأن القطع