للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقع للسرقات كلها, فينتفى الضمان لأيهما (١) .

ويرى الشافعى وأحمد أن القطع والضمان يجتمعان دائمًا؛ لأن السارق يأتى بما يوجب القطع, ويأتى بما يوجب ضمان قيمة المسروق فى كل سرقة, فكان الواجب عليه هو القطع والضمان, ذلك أن كل سرقة هى اعتداء على حقين أولهما: حق الله تعالى الذى حرم السرقة أو حق الجماعة التى تضر بالسرقة, والثانى: حق العبد الذى اتلف ماله دون مبرر, وإذا كانت الجريمة اعتداء على حقين فليس ثمة ما يمنع أن تكون الجريمة مضمونة بضمانين, أى أن يكون الجانى مسئولاً عن هذين الحقين, كذلك فإن الجانى ضامن لرد العين كلما كانت باقية تحت يده, فيجب عليه ضمان قيمتها إذا كانت تالفة لما روى عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "على اليد ما أخذت حتى تؤديه", ولا يسلم الشافعية والحنفية بحديث عبد الرحمن بن عوف؛ لأن أحد رواته مجهول.

وعلى هذا يجب على السارق رد العين المسروقة على مالكها إذا كانت باقية, فإذا كانت تالفة فعلى السارق رد قيمتها أو مثلها إن كانت مثلية قُطع أو لم يقطع, موسرًا كان أو معسرًا. وإذا تعدد المجنى عليهم فى السرقة, فالسارق ضامن لكل منهم قيمة ما سرق منه أو مثله سواء خاصم أو لم يخاصم (٢) .

وإذا تصرف السارق فى العين كان للمالك أن يسترد العين من هذا الغير وللأخير الرجوع على السارق بقيمتها.

ويرى مالك أن السارق يضمن قيمة المسروق إذا لم يحكم عليه بالقطع أيًا كان السبب فى عدم القطع, كأن كان لعدم تمام النصاب فى المال, أو فى الشهادة, أو لأنه سرق من غير حرز, أو لأن يده قطعت فى جناية أخرى عمدًا أو خطأ, أو فى حادث عرضي, وهو يضمن قيمة المال المسروق ولو كان قد تلف, وسواء كان التلف باختياره أو بالرغم منه, وسواء كان السارق موسرًا أو معسرًا,


(١) بدائع الصنائع ج٧ ص٨٥, ٨٦.
(٢) أسنى المطالب ج٤ ص١٥٢, المغنى ج١٠ ص٢٧٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>