للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما إذا كانت العين باقية فعليه ردها. أما إذا قطع فى السرقة فعليه رد العين إن كانت موجودة, فإن لم تكن موجودة فعليه قيمتها أو مثلها بشرط أن يكون موسرًا وقت السرقة ويظل يسره حتى يقطع. فإن كان معسرًا وقت السرقة ثم أيسر بعد ذلك ولو قبل القطع فلا ضمان. وكذلك لو كان موسرًا وقت السرقة ثم أعسر بعد السرقة وقبل القطع ولو عاد إلى يساره بعد القطع.

وأساس هذه التفصيلات عند مالك هو ما روى عن الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "إذا أقيم على السارق الحد فلا ضمان عليه", ويفسر مالك هذا الحديث بأنه لا يجوز أن يجتمع على السارق عقوبتان: قطع يده, واتباع ذمته. ولكن مالكًا يرى أن اليسار المتصل كالمال القائم, فإذا ظل السارق فى يساره من وقت السرقة إلى وقت القطع فلا يعتبر أنه عوقب بتضمينه قيمة المسروق الذى تصرف فيه, فدخل ثمنه فى ماله أو استهلكه, انتفع به أم لم ينتفع. ورأى مالك استحسان على غير قياس (١) . وتطبق هذه القواعد فى حاله تعدد السرقات وتعدد المجنى عليهم, وللمالك إذا تصرف السارق فى العين لآخر أن يسترد العين من الآخر.

ورأى الشيعة الزيدية يتفق مع مذهب أبى حنيفة, فالسارق إذا قطع لم يضمن (٢) .

٦٢٢- ثانيًا القطع. أساس القطع: الأصل فى القطع قوله تعالى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُواْ أَيْدِيَهُمَا جَزَاء بِمَا كَسَبَا نَكَالاً مِّنَ اللهِ} [المائدة:٣٨] .

وعقوبة القطع لا يحوز العفو فيها لا من المجنى عليه ولا من رئيس الدولة, ولا يجوز أن تستبدل بها عقوبة أخرى أخف منها. والأصل فى ذلك ما روى عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "تجافوا العقوبة بينكم, فإذا انتهى بها إلى الإمام فلا عفا الله عنه إن عفا", كذلك لا يجوز تأخير تنفيذ العقوبة أو تعطيلها. وهذه المبادئ


(١) شرح الزرقانى ج٨ ص١٠٧, ١٠٨, بداية المجتهد ج٢ ص٢٧٨.
(٢) شرح الأزهار ج٤ ص٣٧٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>