للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

متفق عليها ولا يخالف فيها إلا الشيعة الزيدية, حيث يرون أن القطع يسقط عن السارق بعفو المجنى عليه فى السرقة, فإذا تعدد المجنى عليهم وجب لسقوط القطع أن يعفو كل منهم (١) .

كذلك يرون أن للإمام مع وجوب إقامة الحد أن يسقط العقوبة عن بعض الناس لمصلحة, وله أن يؤخر إقامته إلى وقت آخر لمصلحة, على أن بعضهم يرى أن ليس للإمام إسقاط حد القذف ولا حد السرقة (٢) .

٦٢٣- محل القطع: اختلف الفقهاء فى محل القطع إلى حد كبير, ولهم فى ذلك آراء مختلفة, وأساس اختلافهم تأويل قوله تعالى: {فَاقْطَعُواْ أَيْدِيَهُمَا} , واختلافهم فى صحة ما أُثر عن الرسول, فرأى عطاء أن السارق إذا سرق قطعت يده فى السرقة الأولى ولا قطع بعد ذلك إن عاد للسرقة. وعلى هذا فإن جزاء السرقة هو قطع اليد اليمنى فى أول سرقة, أما السرقات الأخرى فلا قطع فيها, وإنما يعاقب السارق عقوبة تعزيرية. وحجة عطاء أن الله جل شأنه قال: {فَاقْطَعُواْ أَيْدِيَهُمَا} , ولو شاء أمر بقطع الرجل ولو يكن الله تعالى نسيًا (٣) .

ويرى الظاهريون أن القطع واجب فى اليدين معًا, فإذا سرق قطعت إحدى يديه, فإذا عاد للسرقة قطعت يده الثانية, فإن سرق الثالثة عزر ومنع الناس ضره حتى يصلح حاله؛ أى حبس طويلاً حتى يصلح حاله. وحجتهم أن القرآن والسنة جاءا بقطع يد السارق لا بقطع رجله, فلا يجوز أن يقطع من السارق غير يديه (٤) , ومحل القطع عند أبى حنيفة والشيعة الزيدية وعلى الرأى الأول


(١) شرح الأزهار ج٤ ص٣٢٤.
(٢) شرح الأزهار ج٤ ص٣٧٤, بدائع الصنائع ج٧ ص٥٥, كشاف القناع ج٤ ص٤٧, ٨٧, المهذب ج٦ ص٢٨٧, ٢٨٩, ٢٩٢, ٣٠٠, الأحكام السلطانية ص٢٦٥, المدونة ج١٦ ص٦٧, المحلى ج١١ ص١٢٦ وما بعدها.
(٣) المحلى ج١١ ص٣٥٤.
(٤) المحلى ج١١ ص٣٥٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>