للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بقصد أخذ المال على سبيل المغالبة, أما إذا خرج بقصد أخذ المال على سبيل المغالبة فلم يخف سبيلاً ولم يأخذ مالاً ولم يقتل أحدًا فهو ليس محاربًا, فالخروج بقصد أخذ المال إذا لم يؤد لحالة من الحالات ليس حرابة ولكنه ليس مباحًا بل هو معصية يعاقب عليها بالتعزير, والخروج بغير قصد المال لا يعتبر حرابة ولو أدى إلى جرح وقتل, والخروج لأخذ المال على غير سبيل المغالبة ليس حرابة وإنما هو اختلاس. والحرابة تعرف عند أبى حنيفة وأحمد والشيعة الزيدية بأنها الخروج لأخذ المال على سبيل المغالبة إذا أدى هذا الخروج إلى إخافة السبيل أو أخذ المال أو قتل إنسان, ويعرفها البعض بأنها إخافة السبيل لأخذ المال (١) .

والأصل فى الحرابة قوله تعالى: {إِنَّمَا جَزَاء الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِى الأَرْضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُواْ أَوْ يُصَلَّبُواْ أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْاْ مِنَ الأَرْضِ ... } الخ [المائدة:٣٣] , وقد اختلف فى المحاربين المقصودين بهذه الآية, فقال البعض: إنها نزلت فى قوم مشركين كان بينهم وبين النبى ميثاق فنقضوا العهد وقطعوا السبيل وأفسدوا فى الأرض, وقال البعض: إنها نزلت فى قوم من أهل الكتاب, وقال البعض: إنها نزلت فى قوم أسلموا ثم ارتدوا واستاقوا إبلاً لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقتلوا راعيها. والرأى الذى عليه جمهور الفقهاء أن المحارب هو المسلم أو الذمى الذى يقطع الطريق أو يخرج أخذ المال على سبيل المغالبة (٢) , على أن الظاهرية يرون أن الذمى الذى يقطع الطريق ليس محاربًا ولكنه ناقض للذمة (٣) , ومن هذا الرأى بعض الفقهاء فى مذهب أحمد (٤) , أما بقية المذاهب المقارنة فيسوى بين المسلم والذمى وترى كليهما محاربًا إذا قطع الطريق. وفى مذهب مالك أن الحرابة هى إخافة السبيل سواء قصد المال أو لم يقصد, فمن


(١) بدائع الصنائع ج٧ ص٩٠, أسنى المطالب ج٤ ص١٥٤, المغنى ج١٠ ص٣٠٢, شرح الأزهار ج٤ ص٣٧٦, شرح الزرقانى ج٨ ص١٠٨, المغنى ج١١ ص٣٠٦.
(٢) بداية المجتهد ج٢ ص٣٧٩, نيل الأوطار ج٧ ص٢٦٠ وما بعدها, المحلى ج١١ ص٣٠٠ وما بعدها.
(٣) المحلى ج١١ ص٣١٥.
(٤) المغنى ج١٠ ص٣١٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>