للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويعتبر مالك من الحرابة أخذ المال مخادعة مع استعمال القوة أو مع عدم استعمالها, فمن يسقى المجنى عليه أو يطعمه مادة مخدرة أو يحقنه بها حتى يغيب عن صوابه ثم يأخذ ماله أو يخدعه حتى يدخله محلاً بعيدًا عن الغوث ثم يسلبه ما معه يعتبر محاربًا. ومن يخدع شخصًا صغيرًا أو كبيرًا على أى الوجهين السابقين ثم يقتله بقصد أخذ ما معه فهو محارب سواء أخذ ما معه أو لم يجد معه ما يؤخذ. ويسمى مالك هذا النوع من القتل قتل الغيلة وهو عنده نوع من الحرابة (١) .

٦٣٤- ممن تحدث الحرابة؟: تحدث الحرابة من جماعة أو فرد فقط قادر على الفعل. ويشترط أبو حنيفة وأحمد أن يكون مع المحارب سلاح أو ما هو فى حكم السلاح كالعصا والحجر والخشبة, ولكن مالكًا والشافعى والظاهرية والشيعة الزيدية لا يشترطون السلاح ويكفى عندهم أن يعتمد المحارب على قوته, بل يكتفى مالك بالمخادعة دون استعمال القوة فى بعض الأحوال وأن يستعمل أعضاءه كاللكز والضرب بجمع الكف (٢) .

ويعتبر محاربًا كل من باشر الفعل فيه أو تسبب فيه, فمن باشر أخذ المال أو القتل أو الإخافة فهو محارب, ومن أعان على ذلك بتحريض أو اتفاق أو إعانة فهو محارب, ويعتبر فى حكم المباشر من يحضر المباشرة ولو لم يباشر بنفسه كمن يوكل إليه الحفظ أو الحراسة. ويعتبر معينًا الطليعة والردء الذى يلجأ إليه المحاربون إذا انهزموا أو الذين يمدونهم بالعون إذا احتاجوا إليه, فكل هؤلاء يعتبرون محاربين عند مالك وأبى حنيفة وأحمد والظاهريين, ولكن الشافعى لا يعتبر محاربًا إلا من باشر فعل الحرابة بنفسه, وأما المتسبب فى الفعل والمعين عليه وإن حضر مباشرته ولم يباشره فلا يعتبر محاربًا وإنما هو عاص أتى معصية


(١) شرح الزرقانى وحاشية الشيبانى ج٨ ص١٠٩, المدونة ج١٦ ص١٠٤.
(٢) بدائع الصنائع ج٧ ص٩٠, كشاف القناع ج٤ ص٨٩, المغنى ج١٠ ص ٣٠٤, أسنى المطالب ج٤ ص١٥٤, شرح الأزهار ج٤ ص٣٧٦, المحلى ج١١ ص٣٠٨, المدونة ج١٦ ص١٠٣, شرح الزرقانى ج٢ ص١٠٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>