للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإذا كان المحارب مستأمنًا فحكمه حكم السارق, وقد بينا ذلك عند الكلام على السرقة (١) .

٦٣٥- مكان القطع: يشترط أبو حنيفة لعقوبة الحد أن تكون الحرابة فى دار الإسلام, فإن كانت فى دار الحرب فلا يجب الحد؛ لأن المتولى إقامة الحد وهو الإمام ليس له ولاية على دار الحرب وهى محل وقوع الجريمة (٢) , ومن هذا الرأى الشيعة الزيدية (٣) , لكن مالكًا والشافعى وأحمد والظاهريين يوجبون الحد سواء وقعت الحرابة فى دار الإسلام أو دار الحرب ما دام الفعل قد وقع جريمة؛ أى وقع على مسلم أو ذمى من مسلمين أو ذميين, وقد تكلمنا عن هذا بمناسبة الكلام على السرقة, ويشترط الظاهريون أن يكون القطع من المسلمين فقط.

ويرى أبو حنيفة أن يكون القطع فى غير مصر أى بعيداُ عن العمران, فإن كان فى مصر فلا حد عنده سواء كان القطع نهارًا أو ليلاً, وسواء كان بسلاح أو غيره, وهو رأى أساسه الاستحسان, ويعلل بأن القطع لا يحصل عادة فى الأمصار وإنما يحصل فى الطريق بين القرى, ولذلك يشترط أن يكون القطع على مسافة سفر من المصر, وإذا كان هذا هو الاستحسان فإن القياس أن الحد يجب سواء كان القطع فى مصر أو غير مصر, وهو رأى أبى يوسف, ويميل إليه فقهاء المذاهب وعليه فتوى, ويروى عن أبى يوسف أنه يفرق بين النهار والليل فيرى الحد فى قطع الطريق فى المصر ليلاً سواء كان القاطعون مسلحين أم يحملون عصيًا, ولا يعتبر الفاعلون قاطعى طريق فى النهار إلا إذا كانوا مسلحين فإن لم يكونوا مسلحين فليسوا بقطاع إذا ارتكبوا جرائمهم فى المصر, وحجته أن الغوث قلما يتحقق فى الليل فيستوى فيه السلاح وغيره (٤) . وأبدى أحمد رأيه فى الحرابة


(١) مواهب الجليل ج٦ ص٣١٤, أسنى المطالب ج٤ ص١٥٠.
(٢) بدائع الصنائع ج٧ ص٩٢.
(٣) شرح الأزهار ج٤ ص٣٧٦.
(٤) بدائع الصنائع ج٧ ص٩٢, شرح فتح القدير ج٤ ص٣٧٤,٣٧٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>