للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السابق ونظر إلى أن يحقق معنى الإبعاد المستطاع عن محل الجريمة أيضًا. أما الذين لم يروا سجنه فقد قالوا: إذا سجناه فى بلد أو أقررناه فيه غير مسجون فلم ننفه من الأرض كما أمر الله تعالى بل عملنا به ضد النفى والإبعاد وهو الإقرار والإثبات فى الأرض فى مكان واحد منها وهذا خلاف القرآن, فوجب علينا بنص القرآن أن ننفيه ونبعده عن جميع الأرض بحسب طاقتنا, وغاية ذلك ألا نقره فى شيء منها ما دمنا قادرين على نفيه من ذلك الموضع ثم هكذا أبدًا, ولو قدرنا على أن لا ندعه يقر ساعة فى شيء من الأرض لفعلنا ذلك ولكان واجبًا علينا فعله ما دام مصرًا على المحاربة (١) .

وحجة الفقهاء فى أن النفى غير محدود المدة أن النص لم يحدده وأن النفى جاء عقوبة للمحارب وأن المحارب ما دام مصرًا على المحاربة فهو محارب, وإذ هو محارب يجب أن يجزى جزاء المحارب, فالنفى باقٍٍ عليه ما لم يترك المحاربة بالتوبة, فإذا تركها سقط عنه جزاؤها (٢) .

٦٤٠- أخذ المال لا غير: إذا أخذ المحارب المال ولم يقتل, فيرى أبو حنيفة والشافعى وأحمد ومعهم الزيدية أن يقطع المحارب من خلاف؛ أى أن تقطع يده اليمنى ورجله اليسرى, وهم يقطعون اليد اليمنى للمعنى الذى قطعت به يد السارق اليمنى ويقطعون الرجل اليسرى لتتحقق المخالفة, ولا ينتظر اندمال اليد فى قطع الرجل بل يقطعان معًا لأن العقوبة عقوبة واحدة وتبدأ بالأيدى لأن النص بدأ بالأيدى فقدمها على الأرجل, ولا خلاف فى قطع اليد اليمنى والرجل اليسرى إذا كانت يداه ورجلاه صحيحة, فإن كان معدوم اليد والرجل إما لكونه قد قطع فى حرابة أو سرقة أو قصاص أو مرض, فمذهب أبى حنيفة وهو رأى فى مذهب أحمد أن القطع يسقط عن المحارب سواء كانت اليد اليمنى والرجل اليسرى أو العكس؛ لأن قطع ما زاد على ذلك يذهب منفعة الجنس.

وعلى هذا الشيعة الزيدية وكل من لا يرى أن يقطع إلا يد واحدة ورجل


(١) المحلى ج١١ ص ١٨١, ١٨٢.
(٢) المحلى ج١١ ص١٨٢, ١٨٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>