للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فعندهم هو السجن. وفى مذهب الشافعى الرأى الراجح أن النفى هو الحبس وأن الحبس جائز فى محله وأولى أن يكون فى محل آخر, أما الرأى المرجوح فالنفى أن يطلبوا إذا هربوا حتى يؤخذوا. ويرى أحمد أن النفى هو تشريد المحارب فى الأمصار فلا يسمح له أن يأوى إلى بلد حتى تظهر توبته, والرواية الثانية كالرأى الثانى فى مذهب الشافعى. والرأى الراجح فى مذهب الشيعة أن النفى يكون بالحبس, وقيل: بسمل الأعين وبالطرد والتشريد.

مدة النفى: ومدة النفى عند أبى حنيفة والشافعى ومالك غير محدودة, فيظل المحارب مسجونًا حتى تظهر توبته وينصلح حاله فيطلق سراحه, وهذا هو الرأى الراجح فى مذهب أحمد.

وإن كان البعض يرى أن تكون مدة النفى عامًا قياسًا على التغريب فى الزنا (١) .

أما الظاهريون فيرون أن النفى هو أن ينفى أبدًا من كل مكان من الأرض وأن لا يترك يقرّ إلا مدة أكله ونومه وما لا بد منه من الراحة التى إن لم ينلها مات, ومدة مرضه, ويظل هكذا حتى يحدث توبة فإذا أحدثها سقط عنه النفى وترك يعود إلى مكانه (٢) .

وأساس هذه الآراء المختلفة هو الاختلاف فى تفسير معنى النفي, فمن قال بأن النفى هو السجن مطلقًا فسروا النفى بأنه الإبعاد من الأرض, ورأوا أنه لا يقدر على إخراجه من الأرض جملة فوجب أن يفعل من ذلك أقصى ما يقدر عليه وغاية ذلك هو السجن لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم", وسقط ما يستطاع. زمن قال إن السجن يكون فى بلد غير بلده نظر إلى المعنى


(١) المدونة ج١٦ ص٩٨, ٩٩, شرح الزرقانى ج٨ ص١١٠, بداية المجتهد ج٢ ص٣٨١, أسنى المطالب ج٤ ص١٥٤, المهذب ج٢ ص٣٠٢, المغنى ج١٠ ص٣١٣, ٣١٤, بدائع الصنائع ج٧ ص٩٥, شرح فتح القدير ج٤ ص٢٦٩, ٢٧٠, كشاف القناع ج٤ ص٩١, شرح الأزهار ج٤ ص٣٧٦.
(٢) المحلى ج١١ ص١٨٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>