للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والظاهر من أقوال الظاهريين أنهم يشترطون القتل العمد كالشافعيين (١) .

٦٤٨- حكم الجراح التى يحدثها المحارب: يرى الظاهريون أن إحداث الجراح بقصد إخافة السبيل حرابة, وعلى هذا فإذا حدثت جراح ولم يكن أخذ مال ولا قتل فالفعل حد والإمام مخير فى العقوبة, والقاعدة عندهم أنه إذا اجتمع حقان أحدهما لله والثانى للعبد كان حق الله تعالى أولى بالقضاء لقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "اقضوا الله فهو أحق بالوفاء دين الله أحق أن يقضى", وقوله: "كتاب الله أحق وشرط الله أوثق", وعلى هذا فإن قتله الإمام أو صلبه للمحاربة كان للولى أن يأخذ أُرْش جرحه لأن حقه فى القود قد سقط فبقى حقه فى الدية أو العفو عنه, وإن رأى الإمام قطع المحارب كان للمجنى عليه أن يقتص أو يعفو. والخلاصة أنه كلما أمكن للمجنى عليه أن يستوفى حقه بعد استفاء حق الله استوفاه وكلما سقط كانت له الدية (٢) , ويرى مالك وأبو حنيفة والشيعة الزيدية أنه كلما وجب على المحارب حد دخلت الجراحة فى الحد, فإن لم يكن حد أو كان حد وسقط فحكم الجراحة هو حكمها فى حال عدم وجود الحد (٣) .

ويرى الشافعى وأحمد أن الجراح لا تدخل فى الحد فيقتص فى الجراح إذا كانت مما يقتص فيه وإذا لم يكن قصاص ففيها الدية, ويرى الشافعى أن القصاص غير محتم أى ليس حدًا وإنما هو على أصله؛ لأن الانحتام خاص بالقتل والقطع والصلب فإذا سرى الجرح فمات فأصبح القتل عمدًا انحتم القتل (٤) .

أما أحمد ففى مذهبه رأيان: رأى يرى عدم انحتام القصاص كمذهب الشافعى لأن الشرع لم يرد بشرع الحد فى الجراح, والرأى الثانى على انحتام القصاص, وحجة أصحابه أن الجراح تابعة للقتل فتأخذ مثل حكمه, ويسلم أصحاب هذا الرأى بأن الجراح التى لا قصاص فيها كالجائفة لا يجب فيها إلا الدية (٥) .


(١) المحلى ج١١ ص٣١١, ٣١٢.
(٢) المحلى ج١١ ص٢١٣, ٣١٣.
(٣) بدائع الصنائع ج٧ ص٩٧, شرح الأزهار ج٤ ص٣٧٧, شرح الزرقانى ج٨ ص١١١, مواهب الجليل ج٦ ص٣٨٦.
(٤) أسنى المطالب ج٤ ص١٥٦.
(٥) المغنى ج١٠ ص٣١٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>