للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٦٤٩- الحد والضمان: علمنا مما سبق فى السرقة أن الشافعى وأحمد يريان الجمع بين الحد والضمان, وهذا هو رأيهما فى جريمة الحرابة فالحد لا يمنع من الضمان, أما عند مالك وأبى حنيفة والشيعة الزيدية فالقاعدة عندهم أن الحد لا يجمع مع الضمان, وقد تكلمنا على هذا فى السرقة فليرجع.

ويعلل أبو حنيفة أن الحد فى الحرابة ينفى وجوب ضمان الجراحات؛ لأن الجراحات الخطأ فيها الدية, ولأن الجراحات يسلك بها فى مذهبه مسلك الأموال, فالضمان فى الجراحات بنوعيها مال ولا يجب ضمان المال مع الحد, ومذهب مالك والشيعة الزيدية لا يجمع بين الحد وضمان الجراحات؛ لأنهم يدخلون الجراح فى الحد ويعتبرون الحد عقوبة عنها (١) .

٦٥٠- التداخل: يجرى التداخل فى جريمة الحرابة, فلو ارتكب شخص أكثر من حرابة عوقب عنها جميعًا مرةً واحدةً إذا كان الفعل الذى أتاه واحدًا, فإن كان الفعل مختلفًا يكفى أن يعاقب بعقوبة الفعل الأشد عقوبة. هذا مع ملاحظة رأى أبى حنيفة فى حالة أخذ المال والقتل فإنه إن أخذ مرة المال وقتل فى الثانية دون أخذ المال جاز قطعه ثم قتله, وهذا على رأى القائلين بأن لفظ "أو" ورد للبيان والتفصيل, وما على رأى القائلين بأن "أو" للتخيير فعند مالك تتداخل على الوجه السابق أيضًا؛ لأنه يخصص لأخذ المال والقتل عقوبات خاصة فتتداخل الأفعال من نوع واحد ويكفى فيها عقوبة واحدة, وإذا اختلف كانت العقوبة الأشد هى الواجبة وفيها الكفاية.

أما عند الظاهريين فللإمام الخيار, ولذلك فالتداخل مطلق, وتكفى أية عقوبة لغض النظر عما إذا كانت أخف العقوبات أو أشدها.

٦٥١- مسقطات الحد:

١- يسقط حد الحرابة بما يسقط به حد السرقة: قد ذكرنا أسباب سقوط حد السرقة وبينا ما فيها من اتفاق واختلاف فلتراجع


(١) بدائع الصنائع ج٧ ص٩٥, تبصرة الحكام ج٢ ص٣٦١, ٣٦٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>