للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{فَمَن تَابَ مِن بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ} [المائدة: ٣٩] , فعلى هذا يعتبر مضى مدة يعلم بها صدق التوبة وصلاح النية, والبعض لا يقدر مدة معلومة, والبعض يقدر المدة بسنة (١) , وهناك نظرية ثالثة لابن تيمية وابن القيم ذكرناها (٢) .

٦٥٢- حق الله وحق الفرد فى عقوبة القتل: الأصل فى جريمة القتل العادى أنها تمس الأفراد أكثر مما تمس الجماعة, ولذلك يعبر عنها الفقهاء بأنها متعلقة بحقوق الأفراد, ولكن الشارع جعل القتل فى الحرابة مما يمس حقوق الجماعة حيث جعل العقوبة لازمة ولم يجعل لعفو المجنى عليه أثرًا عليها. وقد نظر الفقهاء إلى أن القتل فى الحرابة يجتمع فيه حق الله وحق العبد فكان هذا مما دعا البعض إلى القول بتغليب حق الله ودعا البعض إلى القول بتغليب حق الفرد. والقائلون بتغليب حق الفرد هم بعض الشافعية ورأيهم الراجح فى المذهب, وبعض الحنابلة ورأيهم المرجوح فى المذهب. أما بقيه المذاهب فتغلب حق الله على حق الأفراد, ولكن المذهب الظاهرى له حكم خاص سنذكره فيما بعد (٣) .

ويترتب على تغليب حق الله أنه لا يعتبر التكافؤ فى القتل عند القائلين بالتكافؤ؛ فيؤخذ الحر بالعبد والمسلم بالذمى ولأب بالبن لأن القتل حد لله فلا تعتبر فيه المكافأة كما هو الحال فى الزنا والسرقة, ولا تراعى المماثلة فى القتل فيقتل بالسيف أيًا كانت الآلة التى استعملها.

ويترتب على تغليب حق العبد اعتبار التكافؤ فى القتل فلا يقتل المحارب إذا كان حرًا بعبد أو نحوه ممن لا يكافئه كابنه وذمى والمحارب مسلم. وإن قتل بمثقل أو غيره روعيت المماثلة فى قتله بأن يقتل بمثل ما قتل به, وإذا قتل ومات


(١) المغنى ج١٠ ص٣١٤ وما بعدها, كشاف القناع ج٤ ص٩١, بدائع الصنائع ج٧ ص٩٦, شرح الزرقانى ج٨ ص١١٢, أسنى المطالب ج٤ ص١٥٥, ١٥٦, نهاية المحتاج ج٨ ص٦, شرح الأزهار ج٤ ص٣٧٨, المحلى ج١١ ص١٢٦, ١٣١.
(٢) التشريع الجنائى ج١ ص٣٠٥.
(٣) يراجع القتل عند الظاهريين.

<<  <  ج: ص:  >  >>