للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وحكم الخارجين بلا تأويل والخارجين بتأويل ولا شوكة لهم عند أبى حنيفة وأحمد هو حكم قطَّاع الطريق فيعاملون على هذا الأساس. وكتب الحنابلة والأحناف تجعل حكمهم حكم قطاع الطريق دون تفصيل مما قد يوهم بأنهم يقرون كذلك دون قيد ولا شرط. أما حكمهم عند الشافعى فهو حكم غيرهم من أهل العدل ويحاسبون على ما يأتونه من أفعال: فإن كونت جريمة الحرابة عوقبوا على الحرابة, وإن كونت جرائم أخرى عوقبوا عليها. ويلاحظ أن لا فرق بين الحنفيين والحنابلة وبين الشافعيين فى هذه المسألة؛ لأن الأحناف والحنابلة وإن اعتبروهم محاربين إلا أنهم لا يعاقبونهم بعقوبة الحرابة إلا إذا توفرت شروط الحرابة وإن سموهم قطاعًا بإطلاق: لأن الخارجين إذا لجأوا للقوة فلن يفعلوا إلا أن يخيفوا الطريق ويأخذوا الأموال ويقتلوا من تعرض لهم فتكون جرائمهم بطبيعة الحال وظروف الخروج حرابة, فكأنهم نظروا إلى واقع الحال فى إعطائهم حكم المحاربين, أما الشافعيون فنظروا إلى الأصل وقالوا إنهم من أهل العدل فإذا ارتكبوا جريمة وتوفرت شروطها أخذوا بها, وهكذا لا نجد ثمة فرق بين الفريقين وإن اختلفوا فى تعبيراتهم (١) .

وإذا كان الرأى الراجح فى مذهب أحمد أن المتأول بلا شوكة يعتبر محاربًا فإن بعض فقهاء المذهب لا يشترط الشوكة مع التأويل, فلا فرق عنده بين الكثير والقليل ما دام الخروج أساسه التأول ويعتبر المتأول بلا شوكة باغيًا لا محاربًا, وحجة القائلين بالشوكة أن ابن ملجم - لما جرح عليًا قال على للحسن: إن برئت رأيت رأيى وإن مت فلا تمثلوا به - لم يثبت لفعله حكم البغاة كما أن إثبات حكم البغاة للعدد اليسير يشجع على الخروج ويؤدى إلى إتلاف أموال الناس؛ لأن البغاة يسقط عنهم ضمان ما أتلفوه (٢) . وحجة الذين لا يشترطون الشوكة أن الخروج أساسه التأول


(١) شرح فتح القدير ج٤ ص٤٨, ٤٩, بدائع الصنائع ج٧ ص١٤٠, أسنى المطالب ج٤ ص٤٨, كشاف القناع ج٤ ص٩٦.
(٢) المغنى ج١٠ ص٤٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>