للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا الشوكة وعقيدة الخارج لا عدد من يشاركونه تلك العقيدة, فلا معنى لاشتراط الشوكة.

أما الخارجون بتأويل وشوكة فهم البغاة عند أبى حنيفة والشافعى سواء رأوا رأى الخوارج أو لم يروه, ولا تعتبر الخوارج عندهما كفرة ولا فسقة وإنما بغاة لا غير (١) .

واختلف الحنابلة فى الخوارج الذين يكفِّرون بالذنب ويكفِّرون عثمان وعليًا وطلحة والزبير وغيرهم من الصحابة, ويستحلون دماء المسلمين وأموالهم ويرون سبى نسائهم, والبعض يراهم بغاة لا غير, وهذا هو رأى أبى حنيفة والشافعى وجمهور الفقهاء, والبعض يراهم بغاة وفسقة فى وقت واحد, ويرون استتابتهم فإن تابوا وإلا قتلوا على إفسادهم لا على كفرهم, وهذا هو رأى مالك وسنذكره فيما بعد. على أن أبا حنيفة يعتبر أيضًا الخوارج فسقة باعتقادهم ولكنه يعاملهم معاملة البغاة ولا ينظر إلى الفسق إلا فى قبول شهادتهم وقضائهم (٢) .

ويرى البعض الآخر - ورأيهم الراجح فى كذهب أحمد - أن الخوارج مرتدون فحكمهم حكم المرتدين لا حكم البغاة ومن ثم تباح دمائهم وأموالهم, فإن تحيزوا فى مكان وكانت لهم منعة وشوكة صاروا أهل حرب كسائر الكفار, وإن كانوا فى قبضة الإمام استتابهم كاستتابة المرتدين فإن تابوا وإلا قتلوا حدًا وكانت أموالهم فيئًا لا يرثهم ورثتهم المسلمون. وحجة أصحاب هذا الرأى ما رواه أبو سعيد عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "يخرج قوم يحقرون صلاتكم مع صلاتهم, وصيامكم مع صيامهم, وأعمالكم مع أعمالهم, يقرؤون القرآن لا يجاوز حناجرهم, يَمْرُقُون من الدين كما يمرق السهم من الرميَّة, ينظر من النصل فلا يرى شيئًا, وبنظر فى القدح فلا يرى شيئًا, وينظر فى الريش فلا يرى شيئًا, ويتمادى فى الفُوق".


(١) شرح فتح القدير ج٤ ص٤٨, ٤٩, بدائع الصنائع ج٨ ص١٤٠, نهاية المحتاج ج٧ ص٣٨٢, ٣٨٥, أسنى المطالب ج٤ ص١١١, ١١٣, المهذب ج٢ ص٢٣٤, ٢٣٨.
(٢) شرح فتح القدير ج٤ ص٤١٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>