للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفى رواية أخرى: "يخرج قوم فى آخر الزمان أحداث الأسنان, سفهاء الأحلام, يقولون من خير قول البرية, يقرؤون القرآن لا يجاوز تراقيهم, يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية, فإن لقيتهم فاقتلهم فإن قتلهم أجر لمن قتلهم يوم القيامة".

أما القائلون بأنهم بغاة أو بغاة فسقة فيحتجون بأنه لم يقل بتكفيرهم أحمد من الفقهاء, وإنما الذى قال به بعض فقهاء الحديث لا كلهم, ويفسرون عبارة "يتمادى فى الفوق" بأن الحديث لم يكفرهم لأنهم علقوا من الإسلام بشيء بحيث يشك فى خروجهم منه, ويحتجون أيضًا بما روى عن على أنه لم يقاتل أهل النهروان إلا بعد أن قتلوا عبد الله بن خباب وأنه لم يبدرهم بقتال, وقال لأصحابه: لا تبدروهم بقتال, وبعث إليهم: أقيدونا بعبد الله بن خباب. قالوا: كلنا قتله, فحينئذ استحل قتالهم لإقرارهم على أنفسهم بما يوجب القتل, ولو كانوا كفارًا لبدرهم بالقتال ولما طالب بالقَوَد من قتلة عبد الله بن خباب. كذلك يحتجون بما ذكره ابن عبد البر عن على أنه سئل عن أهل النهروان: أكفار هم؟ قال: من الكفر فروا. قيل: فمنافقون؟ قال: إن المنافقين لا يذكرون الله إلا قليلاً. قيل فما هم؟ قال: هم قوم أصابتهم فتنة فعموا فيها وصموا, وبغوا علينا وقاتلونا فقاتلناهم. وأخيرًا فإنهم يحتجون بأن عليًا لما جرحه ابن ملجم قال للحسن: أحسنوا إساره؛ فإن عشتُ فأنا ولى دمي, وإن مت فضربة كضربتي, أى أنه أشار بالقصاص منه ولو كان كافرًا لَمَا اقتص منه لأن الكافر مباح الدم بكفره (١) .

ويختلف مذهب مالك عن المذاهب الثلاثة فيمن يعتبره باغيًا, فالباغى عند مالك هو كل من امتنع عن الطاعة فى غير معصية بمغالبة ولو تأويلاً, فكل من خرج بمغالبة فهو باغٍ سواء كان متأولاً أو غير متأول, ذا منعة وشوكة أو ليس له شوكة ومنعة, ويجوز أن يكون الباغى فردًا واحدًا ويجوز أن يكون البغى من أكثر من واحد, والخوارج الذين يكفِّرون بعض الصحابة ومَنْ على


(١) المغنى ج١٠ ص٤٨- ٥٢, كشاف القناع ج٤ ص٩٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>