للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غير رأيهم من المسلمين ويستحلون الدماء والأموال وسبى النساء, هم عند مالك بغاة وليسوا كفرة وإنما هم فسقة فى رأيه ولهذا إذا ظفر بهم الإمام العدل أن يستتيبهم وغيرهم من أهل الأهواء (١) .

ومذهب الظاهريين على أن البغاة قسمان لا ثالث لهما, قسم خرجوا على تأويل فى الدين فأخطأوا فى تأويلهم كالخوارج وما جرى مجراهم من سائر الأهواء المخالفة للحق, وقسم أرادوا لأنفسهم دنيا فخرجوا على إمام الحق أو على من هو فى السيرة مثلهم, فإن تعدت هذه الطائفة إلى إخافة الطريق أو إلى أخذ مال من لقوا أو سفك الدماء هملاً انتقل حكمهم إلى حكم المحاربين وهم ما لم يفعلوا ذلك فى حكم البغاة. والمتأولون قسمان: قسم أخطأ فى التأويل وله عذر فى تأويله كأصحاب معاوية, وقسم من المتأولين لا عذر له فى تأويله كمن قام رأى الخوارج ليخرج الأمر على قريش أو ليرد الناس إلى القول بإبطال الرجم أو تكفير أهل الذنوب أو استقراض المسلمين أو قتل الأطفال والنساء وإظهار القول بإبطال القدر أو إلى منع الزكاة, فهؤلاء وأمثالهم لا عذر لهم بالتأويل الفاسد لأنها جهالة تامة. والقائمون لغرض الدنيا أو للعصبية كما فعل يزيد بن معاوية ومروان بن الحكم وعبد الملك بن مروان فى القيام على ابن الزبير, وكما فعل مروان بن محمد فى القيام على يزيد بن الوليد, فهؤلاء لا يعذرون لأنهم لا تأويل لهم أصلاً وعملهم بغى مجرد (٢) .

أما من قام يدعو إلى أمر بمعروف أو نهى عن منكر أو إلى إظهار القرآن والسنن والحكم بالعدل فليس بغيًا بل الباغى من خالفه, فإذا أريد بظلم فمنع نفسه فإنه على حق سواء أراد الإمام أو غيرة (٣) .

ويرى الظاهريون أن البغاة ليسوا فقط من خرجوا على الإمام وإنما الباغى


(١) مواهب الجليل ج٦ ص٢٧٧, ٢٧٨, شرح الزرقانى, وحاشية الشيبانى ج٨ ص٦٠, ٦١, تبصرة الحكام ج٢ ص٣٦٢.
(٢) المحلى ج١١ ص٩٧, ٩٨.
(٣) المحلى ج١١ ص٩٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>