للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هو من بغى على أخيه المسلم, فيجوز أن يكون الباغى سلطانًا ويجوز أن يكون فردًا, فإذا كان الباغى هو السلطان كان على المسلمين أن يقاتلوا الباغى حتى يفئ إلى أمر الله, وعلى هذا يصح أن يكون الباغى فردًا ويصح أن يكون جماعة (١) .

وخلاصة رأى الظاهريين أن كل من خرج مغالبة على الإمام بتأويل أو غير تأويل فهو باغٍ سواء كان فرد أو جماعة ما لم يكن خروجه بحق فإنه ليس باغيًا.

والباغى عند الشيعة الزيدية هو من يظهر أنه محق والإمام مبطل وحاربه أو عزم على المحاربة وله فئة أو منعة, أو قام بما أمره للإمام (٢) .

فالبغى لا يكون إلا من جماعة يكون لهم منعة وعدد وتأويل, وهذا يتفق مع مذهب أبى حنيفة والشافعى وأحمد إلى حد كبير. كما يتفق مذهب الظاهريين مع مذهب مالك, ولا يعتبر الخارج بحق باغيًا عند بعض المالكيين وأبى حنيفة والظاهريين (٣) , وعلى مثل هذا الرأى الشيعة الزيدية (٤) .

أما عند الشافعى وأحمد وبعض المالكيين فيعتبر الخارج باغيًا ولو كان خارجًا بحق وسواء كان على صواب أو على خطأ؛ لأن الخروج ليس هو الطريق الصحيح الذى يؤدى لإقرار الحق وتصحيح الخطأ، فإذا لم يكونوا بغاة فيما يطلبون فهم بغاة فى اختيار الوسيلة التى يريدون بها الوصول إلى حقهم لأنها تؤدى إلى الفساد وزعزعة أركان الدولة, ولأنه من المحرم عليهم الخروج على من تثبت إمامته, لأن من ثبتت إمامته تجب طاعته. على أن فى مذهب الشافعى من يرى أن الخروج على الإمام الجائر ليس بغيًا إذا كان الخروج لإزالة جور أو ظلم, ولكن رأيهم مرجوح فى المذهب (٥) .

ويعتبر الخروج بحق فى مذهب أبى حنيفة وعند القائلين به من المالكيين إذا


(١) المحلى ج١١ ص٩٩.
(٢) الروض النضير ج٤ ص٣٣١.
(٣) مواهب الجليل ج٦ ص٤٧٧, شرح الزرقاني, وحاشية الشيبانى ج٨ ص٦٠, شرح فتح القدير ج٤ ص٤٠٨, المحلى ج١١ ص٩٨, ٩٩, حاشية ابن عابدين ج٣ ص٤٢٦.
(٤) تتمة شرح الروض النضير ج٤ ص٨, ٩.
(٥) أسنى المطالب, وحاشية الشهاب الرملى ج٤ ص١١١, كشاف القناع ج٤ ص٩٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>