للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كان الخوارج قد فعلوا ذلك لظلم ظلمهم به الإمام وعليه أن يترك الظلم وينصفهم, ولا ينبغى للناس أن يعينوا الإمام عليهم؛ لأن فى ذلك إعانة على الظلم وتعاون على الإثم والعدوان. ويرون فى مذهب مالك أن على الناس أن يعينوا الخارجين على الإمام, بينما يرى الحنفية أن ليس للناس إعانة الخارجين لأن فيه إعانة على خروجهم على الإمام. أما إذا كان الخروج بدعوى الحق والولاية فقالوا الحق معنا فهم أهل بغى عند أبى حنيفة, وعلى كل من يقوى على القتال أن ينصر الإمام على هؤلاء الخارجين. أما المالكيون فيرون نصر الخارجين إذا كان الخارج عليه عدلاً أو كان أقل فسقًا وجورًا ما دام الإمام جائرًا فاسقًا (١) .

ويعتبر الخروج بحق فى مذهب الظاهريين إذا كان لظلم ظلمهم به الإمام أو كان للأمر بالمعروف والنهى عن المنكر فتعرض لهم الإمام, أو خرج على الإمام الجائر إمام عدل أو أقل فسقًا وجورًا (٢) .

ويفترق مذهب الظاهريين عن المذاهب الأربعة ومذهب الشيعة الزيدية فى اعتبار السلطان باغيًا, فهذه المذاهب لا تعتبر السلطان باغيًا ولو كان جائرًا وإنما البغاة هم الخارجون على الإمام. وقد رأينا أن بعض الفقهاء يعتبرون الخارجين بغاة سواء كانوا على حق فى خروجهم أو كانوا على غير الحق, بينما يراهم البعض بغاة إذا كانوا على غير الحق فقط فإن كانوا على حق فليسوا بغاة, على أن القائلين بهذا يرون هم ومخالفوهم أن الإمام ليس له أن يقاتل الخارجين قبل أن يسألهم عن سبب خروجهم, فإذا ادعوا مظلمة أو شبهة كان على الإمام أن يرد المظالم ويكشف الشبهات ثم يدعوهم بعد ذلك للطاعة, فإن لم يعودوا قاتلهم لأنهم يصبحون بامتناعهم عن العودة للطاعة بغاة ولو كانوا قد خرجوا فى أول الأمر بحق (٣) .

* * *


(١) حاشية ابن عابدين ج٣ ص٤٣٧, شرح الزرقانى, وحاشية الشيبانى ج٨ ص٦٠, مواهب الجليل ج٦ ص٢٧٧.
(٢) المحلى ج١١ ص٩٧, ٩٨.
(٣) أسنى المطالب ج٤ ص١١٤, كشاف القناع ج٤ ص٩٦, المغنى ج١٠ ص٥٣, حاشية ابن عابدين ج٤ ص٤٢٧, ٤٢٩, شرح فتح القدير ج٤ ص٤٠٩, شرح الزرقانى, وحاشية الشيبانى ج٨ ص٦٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>