للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القتال وقعد مكانه ولم يدافع لحرم دمه وإن لم يؤسر لأن الله جل شأنه قال: {فَقَاتِلُوا الَّتِى تَبْغِى حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ} [الحجرات:٩] , فمن فاء فلا يقاتل, وإنما حل قتال الباغى بمقاتلته ولم يحل قتله قط فى غير المقاتلة (١) , وكذلك الحكم فى الجرحى؛ لأن الجريح إذا قدر عليه فهو أسير وأما ما لم يقدر عليه وكان ممتنعًا فهو باغ. أما المدبرون فإن كانوا تاركين للقتال جملة منصرفين إلى بيوتهم فلا يحل اتباعهم أصلاً, وإن كانوا منحازين إلى فئة أو لاذين بمعقل يمتنعون فيه أو زائلين عن الغالبين لهم من أهل العدل إلى مكان يأمنوهم فيه ثم يعودون إلى حالهم فيتبعون (٢) ؛ لأن الله افترض قتالهم حتى يفيئوا لأمر الله ولم يفيئوا بعد. ومذهب الشيعة الزيدية كمذهب أبى حنيفة (٣) .

وإذا قتل من البغاة أسير أو جريح أو مدبر عند من لا يجيزون قتله فقاتله مسئول عن قتله جنائيًا. ويرى بعضهم القصاص من القاتل لأنه قتل معصومًا لا شبهة فى قتله. ويرى البعض أن لا قصاص لأن فى قتلهم اختلافًا بين الأئمة فكان ذلك شبهة دارئة للقصاص عند من يقولون بأن الشبهات تدرأ الحدود. والظاهريون لا يعترفون بأن الحدود تدرأ بالشبهات. فمقتضى مذهبهم القصاص فى كل الأحوال (٤) .

ويحبس الأسرى - إلا من دخل منهم فى الطاعة فيخلى سبيله - ويظلون محبوسين حتى تنتهى الحرب. وإذا كان الأسير امرأة أو صبيًا أو شيخًا فانيًا أخلى سبيلهم ولم يحبسوا فى رأى. وفى الرأى الآخر يحبسون لأن فى ذلك كسرًا لقلوب البغاة. والرأيان فى مذهب أحمد والشافعي, أما مالك وأبو حنيفة فيريان الحبس (٥) .


(١) المحلى ج١١ ص١٠٠.
(٢) المحلى ج١١ ص١٠١.
(٣) شرح الروض النضير ج٤ ص٣٣٢, شرح الأزهار ج٤ ص٥٣٤.
(٤) المغنى ج١٠ ص٦٤, المهذب ج٢ ص٣٣٦.
(٥) المهذب ج٢ ص٣٣٦, المغنى ج١٠ ص٦٤, شرح فتح القدير ج٤ ص٤١٢, شرح الزرقانى ج٨ ص٦٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>