للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بنظام وكانوا غير متفرقين, فإذا انهزموا متفرقين بحيث تزول شوكتهم لم يتبعوا, وإلا اتبعوا حتى يتبددوا وتزول شوكتهم, ومن تخلف منهم عجزًا أو ألقى سلاحه تاركًا للقتال لم يقاتل, ويقاتل من ولَّى متحرفًا للقتال أو متحيزًا لفئة قريبة أو بعيدة (١) .

فإذا انهزموا وولوا مدبرين, فإن كانت لهم فئة ينحازون إليها فيبقى لأهل العدل أن يقتلوا مدبرهم ويجهزوا على جريحهم لئلا يتحيزوا إلى الفئة فيمتنعوا بها فيكرَّوا على أهل العدل, وأما أسيرهم فإن شاء الإمام قتله استئصالاً لشأفهم وإن شاء حبسه لاندفاع شره بالأسر والحبس, وإن لم يكن لهم فئة يتحيزون إليها لم يتبع مدبرهم ولو يجهز على جريحهم ولو يقتل أسيرهم (٢) . وبعض أصحاب الشافعى يرون رأى أبى حنيفة (٣) .

والقاعدة عند مالك أن لا يتبع المنهزم ولا يجهز على الجريح إلا إذا خيف منهم أو انحازوا إلى فئة, ففى هذه الحالة يتبع المنهزم ويذفَّف على الجريح, أما الأسير فإذا كانت الحرب قائمة فللإمام قتله ولو كانوا جماعة إذا خيف أن يكون منهم ضرر, فإذا انقطعت الحرب فلا يقتل (٤) . على أن بعض المالكيين يمنع قتل الأسير وتتبع المدبر والإجهاز على الجريح بصفة مطلقة (٥) .

ويرى الظاهريون أنه لا يجوز قتل الأسير بأى حال ولو أن قتله كان مباحًا قبل الأسار لأن حل قتله قبل لإسار ليس مطلقًا, وإنما الذى أحل قتله هو قتاله أو دفاعه, فإذا لم يكن باغيًا أى مقاتلاً أو مدافعًا حرم قتله لزوال حالة البغي, وهو إذا أسر فليس حينئذ باغيًا ولا مدافعًا فدمه محرم, وكذلك لو ترك


(١) أسنى المطالب ج٤ ص١١٤.
(٢) بدائع الصنائع ج٧ ص١٤٠, ١٤١, شرح فتح القدير ج٤ ص٤١١, ٤١٢.
(٣) المغنى ج١٠ ص٦٣.
(٤) شرح الزرقانى ج٨ ص٦٢, مواهب الجليل ج٦ ص٢٧٨.
(٥) مواهب الجليل ج٦ ص٢٧٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>