للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإنما وجبت المراسلة والدعوة للطاعة لأن المقصود من القتال هو كفهم ودفع شرهم لا قتلهم؛ فإذا أمكن بمجرد القول كان أولى من القتال لما فيه من الضرر بالفريقين, فإن سأله الخوارج لإنظار لمدة معينة أنظرهم إن رأى فى ذلك مصلحة, وإن ظن أنهم يريدون المهلة ليكيدوا له لم ينظرهم ثلاثة أيام (١) , ويشترط الزيدية أن تكون الدعوة للطاعة, وإذا أمكن دفع البغاة بدون القتل لم يجز قتلهم لأن المقصود دفعهم وليس إهلاكهم, ولأن المقصود إذا حصل بما دون القتل لم يجز القتل من غير حاجة.

وإذا حضر مع البغاة من لا يقاتل فيرى الحنابلة أنه لا يجوز قتله, وهذا هو رأى بعض الشافعيين, ويرى الآخرون قتله مادام فى صف البغاة ولو لم يقاتل لأنه يعتبر رِدْءًا لهم. والظاهر فى المذاهب الأخرى أن حكم من حضر المعركة وكان فى صفوف البغاة أن له حكمهم إذا أمكن اعتباره فى مركز المقاتل أو المدافع (٢) .

وتعتبر حالة البغى قائمة طالما كان الباغى فى مركز المقاتل أو المدافع, فمن ألقى سلاحه من البغاة أو كف عن القتال أو استسلم أو عجز عن القتال كالجريح جرحًا يمنعه من القتال أو هرب غير متحيز إلى فئة أو متحرفًا لقتال فلا يجوز قتله لأنه لا يجوز قتاله حيث زالت حالة البغى وهى استعماله القوة. وعلى هذا لا يقتل المدبر ولا الأسير ولا يجهز على الجريح سواء كانت حالة الحرب قائمة أو انتهت, وهذا هو ما يراه الشافعى وأحمد. وفى مذهب أحمد: لا يتبع المدبر أصلاً ولا يقتل ولو كان متحيزًا إلى فئة (٣) .

ومذهب الشافعى على إتباع المنهزمين إذا انهزموا إذا انهزموا مجتمعين أو انسحبوا


(١) شرح الأزهار ج٤ ص٥٣٨, المغنى ج١٠ ص٥٤, أسنى المطالب ج٤ ص١١٤, المحلى لابن حزم ج١١ ص١١٦.
(٢) المغنى ج١٠ ص٥٥, المهذب ج٢ ص٢٣٥, المحلى ج١١ ص١٠٠.
(٣) المغنى ج١٠ ص٥٥, ٥٦, ٦٣, كشاف القناع ج٤ ص٩٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>