للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذان الشرطان يجوز استعمال ما يعم إتلافه إلا لضرورة ملحة (١) .

ويجيز الظاهريون القتال بما يعم تلفه بشرط أن لا يؤدى إلى قتل غير البغاة؛ لأن من لا يقاتل لا يحل قتله (٢) .

ويكره للعادل قتل أبيه أو أمه إذا كان أحدهما باغيًا ولكن القاتل يرث القتيل مع هذا لأنه عمد غير عدوان, ولا يكره قتل الجد ولا الأخ ولا الابن (٣) . أما أبو حنيفة فيكره للعادل أن يقتل باغيًا ذا رحم محرم منه ابتداء إلا إذا أراد الباغى قتله فله أن يدفعه, ولا يحرم العادل ميراث الباغي, أما الباغى إذا قتل العادل فيحرم من ميراثه عند أبى يوسف. وعند أبى حنيفة ومحمد لا يحرم إن كان يعتقد أنه قتله بحق ولا يزال على هذا الاعتقاد (٤) .

ومذهب الشافعى كمذهب أبى حنيفة فى كراهة القتل, ولكنه لا يورث العادل ولا الباغى شيئًا من مال المقتول لعموم قوله - صلى الله عليه وسلم -: "ليس لقاتل شيء", وفى مذهب أحمد رأيان: أحدهما: يكره قتل ذى الرحم المحرم, والثانى: لا يرثه لأنه ليس لقاتل شيء, وأما الباغى إذا قتل العادل فإنه لا يرثه لأنه قتله بغير حق (٥) .

وحجة القائلين بالكراهة قوله تعالى: {وَإِن جَاهَدَاكَ عَلى أَن تُشْرِكَ بِى مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِى الدُّنْيَا مَعْرُوفًا} [لقمان:١٥] , ولأن النبى - صلى الله عليه وسلم - كف أبا حذيفة ومنعه عن قتل أبيه.

ورأى الظاهريين أن قتل ذى الرحم غير مكروه وإن كانوا لا يختارون أن يعمد المرء إلى أبيه أو أخيه خاصة ما دام يجد غيرهما, فإن رأى أباه أو أخاه يقصد مسلمًا كان عليه أن يدفعه عن المسلم (٦) .


(١) شرح الأزهار ج٤ ص٥٤١, ٥٤٢.
(٢) المحلى ج١١ ص١١٦, ١١٧.
(٣) شرح الزرقانى ج٨ ص٦٢.
(٤) بدائع الصنائع ج٧ ص١٤١, ١٤٢, شرح فتح القدير ج٤ ص٤١٤, ٤١٦.
(٥) المغنى ج١٠ ص٦٧, ٦٨, أسنى المطالب ج٤ ص١١٥.
(٦) المحلى ج١١ ص١٠٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>