للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولكن الشيعة لا يجيزون للمسلم أن يقتل ذا رَحِمه ولو كان كافرًا إلا لأحد وجهين: أحدهما: أن يقتله مدافعًا عن نفسه أو غيره, الثانى: أن لا يندفع إلا بالقتل, ويرث العادل الباغى إذا قتله (١) .

والبغى إذا كان يحل مقاتلة البغاة ويبيح دماءهم طالما كانوا باغين إلا أنه لا يبيح أموالهم حتى فى حالة البغي, فتظل أموالهم معصومة ولو وقعت فى يد العادلين. ويرى مالك أنه لا يجوز قطع أشجارهم ولا هدم دورهم ولا إتلاف أموالهم وإنما للإمام أن يستعين بأموال البغاة التى يمكن استعمالها فى القتال فيقاتلهم بها كالأسلحة والخيل والإبل حتى إذا تغلب عليهم رد عليهم ما استعان به وغيره (٢) .

ويرى أبو حنيفة أن أموال البغاة تظل على ملكهم لأن عليًا لما هزم طلحة وأصحابه أمر مناديه فنادى أن لا يقتل مقبل ولا مدبر بعد الهزيمة, ولا يفتح باب, ولا يستحل فرج ولا مال, وبعد موقعة النهروان جمع ما غنم من الخوارج فى الرحبة فمن عرف شيئًا أخذه حتى كان أخره قدر من الحديد لإنسان جاء فأخذه.

ويرى أبو حنيفة ما يراه مالك من جواز استعمال السلاح والكُراع إن احتاجه أهل العدل لأن للإمام أن يستعين بمال العادل عند حاجة المسلمين إليه ففى مال الباغى أولى, أما بقية الأموال فتحبس عن البغاة لدفع شرهم وإضعافهم بذلك ولا ترد إليهم حتى يفيئوا فترد عليهم أو على ورثتهم, ويجوز للإمام أن يبيع من الأموال ما يحتاج نفقة ويحبس الثمن (٣) .

ويرى الشافعى أنه لا يجوز استعمال شىء من أموال البغاة وأنها ترد جميعًا بعد انتهاء الحرب لأنه لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفس منه, لكن إذا اقتضيت الضرورة استعمال مال من أموال البغاة جاز استعماله كما لو تعين استعمال سلاحهم للدفاع أو استعمال خيلهم للتغلب عليهم, ويرى البعض أن


(١) شرح الأزهار ج٤ ص٥٤١.
(٢) شرح الزرقانى, وحاشية الشيبانى ج٨ ص٦١.
(٣) شرح فتح القدير ج٤ ص٤١٢, ٤١٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>