للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النفس فارتفع الإشكال وصح أن السحر ليس كفرًا, وإذا لم يكن كفرًا فلا يصح قتل فاعله إلا إذا أتى بما هو كفر؛ لقول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث: كفر بعد إيمان, وزنًا بعد إحصان, ونفس بغير نفس" (١) .

وفى الكاهن والعراف نفس الخلاف فى الساحر. والكاهن هو الذى له رِئْى من الجن يأتيه بالأخبار, والعراف هو الذى يحدس ويتخرص, على أن الحنفيون يرون أن العراف والكاهن إن اعتقد أن الشياطين يفعلون له ما يشاء كفر, وإن اعتقد أنه تخييل لم يكفر, وفى مذهب أحمد روايتان: الأولى: حكمهما حكم الساحر, لقول عمر: اقتلوا كل ساحر وكاهن, والثانية: إن تاب لم يقتل, ويرى الحنفيون المتأخرون أنه لا يجب العدول عن مذهب الشافعى فى كفر الساحر والكاهن والعراف (٢) .

ويرى الشيعة الزيدية أن الساحر مرتد وأن حده القتل بعد الاستتابة كالمرتد (٣) .

ولا تصح الردة إلا من عاقل, فلا تصح الردة ممن لا عقل له كالمجنون ومن زال عقله بإغماء أو نوم أو مرض أو شرب دواء مباح, وكالطفل الصغير الذى لم يميز.

٦٧٥- ردة المجنون وإسلام من فى حكمه: لا تصح ردة المجنون لأن العقل من شرائط الأهلية خصوصًا فى الاعتقادات, ومن المتفق عليه أن المجنون إذا ارتد فى حال جنونه فإنه مسلم على ما كان عليه قبل ذلك, ولو قتله قاتل عمدًا كان عليه القود, والأصل فى ذلك قول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "رفع القلم عن ثلاث: عن الصبى حتى يبلغ, وعن النائم حتى يستيقظ, وعن المجنون حتى يفيق", فلا تصح ردة المجنون لأنه لا قول له, أما إذا ارتد فى حال إفاقته صحت ردته,


(١) المحلى ج١١ ص٣٩٤.
(٢) نفس المراجع السابقة, المغنى ج١٠ ص١١٨, شرح الزرقانى ج٨ ص٦٢.
(٣) شرح الأزهار ج٤ ص٣٧٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>