للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن ارتد صاحيًا ثم جن بعد ذلك لم يقتل حال جنونه لأنه يقتل بالإصرار على الردة بعد استتابته والمجنون لا يمكن أن يوصف بالإصرار كما أنه لا يمكن أن يستتاب, فإذا قتله قبل إفاقته أو بعدها وقبل استتابته عزر لتفويته الاستتابة الواجبة ولافتياته على السلطات العامة, ولكنه لا يسأل عن القتل, وإذا كان المجنون المقتول امرأة فلا قود على من قاتلها عند أبى حنيفة, وإنما على القاتل التعزير فقط, لأن الردة تبيح دم صاحبها, وكل جناية على المرتد هدر, ومن قتل المرأة بالردة راجع للشبهة (١) .

والقاعدة عند الشافعى وأحمد أن المجنون تنفذ عليه حال جنونه كل جريمة تثبت عليه بالبينة, وعقوبة كل جريمة ثابتة بالإقرار, وإذا كان العدول عن الإقرار لا يسقط الإقرار كالقصاص. أما إذا كانت العقوبة ثابتة بالإقرار وكان العدول عن الإقرار يسقط العقوبة كما هو الحال فى السرقة والزنا والشرب فيوقف التنفيذ حتى يفيق المجنون لاحتمال أنه إذا أفاق عدل عن إقراره فسقطت العقوبة المحكوم بها (٢) .

وفى مذهب مالك يرون أن الجنون يوقف تنفيذ الحكم ويظل الحكم موقوفًا حتى يفيق المجنون, إلا إذا كانت العقوبة قصاصًا, فإنها على رأى البعض تسقط باليأس من إفاقة المجنون, وباقى الآراء ورأى أبى حنيفة تراجع فى التشريع الجنائي (٣) .

٦٧٦- ردة السكران وإسلامه: يرى أبو حنيفة وأصحابه أن


(١) المغنى ج١٠ ص٧٦, ١١٠, أسنى المطالب ج٤ ص١٢٠ وما بعدها, شرح الزرقانى ج٨ ص٦٩, ٧٠, بدائع الصنائع ج٧ ص١٣٤, ١٣٥, حاشية ابن عابدين ج٣ ص٢٩٣, ٢٩٤, شرح فتح القدير ج٤ ص٣٨٧, ٤٠٧, شرح الأزهار ج٤ ص٥٧٥, المحلى ج١٠ ص٣٤٤.
(٢) أسنى المطالب ج٤ ص١٢٠, المغنى ج١٠ ص١١٠, التشريع الجنائى الإسلامى ج١ ص٥١١,٥١٢.
(٣) التشريع الجنائى ج١ ص٥١٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>